لا يقبل أن يلي العوامل فلا يجوز أن يقام مقام الموصوف كما جاز ذلك في غير ، لأنّه اسم متمكن ، ولذلك شبّه سيبويه إلّا إذا وقعت صفة بأجمعين في كونها لا تلي العوامل (١) فكما لا يقال : قام أجمعون بمعنى قام القوم أجمعون كذلك لا يقال : قام إلّا زيد ، بمعنى قام رجال إلّا زيد ، وإنّما اشترط أن تكون إلّا تابعة لجمع منكور نحو : جاءني رجال إلّا زيد ، لأنّها حينئذ تتعيّن للصّفة لامتناع الاستثناء ، لأنّ شرط الاستثناء أن يدخل المستثنى وجوبا في المستثنى منه لو سكت عنه ، ولا يدخل ما بعد إلّا هنا في رجال ، لأنّ رجالا (٢) نكرة في سياق الإثبات فلا تعمّ (٣) فلا يدخل المستثنى الذي هو زيد فيها ، لعدم العموم بخلاف ما لو كانت إلّا تابعة لجمع معرّف نحو : جاء الرجال إلّا زيدا ، فإنّها لا تكون حينئذ صفة لصحّة الاستثناء ، وإنّما اشترط أن يكون الجمع المنكور غير محصور ، لأنّه لو كان محصورا لجاز الاستثناء نحو : له عليّ عشرة إلّا درهما (٤) وإنّما قلنا : إن إلّا في قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(٥) صفة ، ولا يجوز أن تكون للاستثناء ، لأنّ الجمع المنكور ليس بعامّ لما تقدّم ، لأنّه نكرة في سياق الإثبات فليس بعامّ ، ولذلك يصحّ إخراجه من الجمع المعرّف نحو : جاءني رجال من الرجال دون العكس ، وإذا كان آلهة جمعا منكرا لم يعمّ جميع الأفراد ، فلم يكن اسم الله مخرجا عنها ، وإذا لم يكن مخرجا لم يكن استثناء فيتعيّن للصفة ، ومعنى وقوعها صفة أنّ ما بعدها مغاير لما قبلها دون إخراجه ، ومنهم من جوّز وقوع إلّا صفة مع جواز الاستثناء (٦) نحو قوله : (٧)
__________________
(١) الكتاب ، ٢ / ٣٣٤.
(٢) غير واضحة في الأصل.
(٣) التبيان ، ٢ / ٩١٥ والمغني ، ١ / ٧٠ وحاشية الصبان ، ٢ / ١٥٦.
(٤) شرح الكافية ، ١ / ٢٤٦.
(٥) من الآية ، ٢٢ من سورة الأنبياء.
(٦) الكتاب ، ٢ / ٣٣٤ وشرح الوافية ، ٢٣٦.
(٧) البيت لعمرو بن معديكرب ، وقيل لحضرمي بن عامر الأسدي ، روي منسوبا لعمرو في الكتاب ، ٢ / ٣٣٤ ، والكامل ، ٤ / ٧٦ وشرح المفصل ، ٢ / ٨٩ والممتع ، ١ / ٥١ واللسان ، إلا ، ورواه السيوطي في شرح شواهد المغني ، ١ / ٢٦٦ منسوبا لحضرمي بن عامر وسجل الخلاف حوله صاحب الخزانة ، ٣ / ٤٢١ وروي البيت من غير نسبة في المقتضب ، ٤ / ٤٠٩ والإنصاف ، ١ / ٢٦٨ وشرح الكافية ، ١ / ٢٤٧ ورصف المباني ، ٩٢ والمغني ، ١ / ٧٢ والهمع ، ١ / ٢٢٩ وشرح الأشموني ، ٢ / ١٥٧. الفرقدان : نجمان