ذكر العطف (١)
وحدّه : تابع مقصود ينسب إليه مع متبوعه ، يتوسّط بينه وبين متبوعه أحد الحروف العشرة التي ستذكر ، وقد خرج بذلك التوابع كلّها لأنّها ليست مقصودة بالنسبة غير البدل فإنّه وإن كان مقصودا بالنسبة لكنّ متبوعه ليس مقصودا بالنسبة (٢) ومثاله : قام زيد وعمرو ، فعمرو تابع مقصود بنسبة القيام مع زيد ، وشرط صحّة العطف على المضمر المرفوع المتّصل أن يؤكّد بمنفصل (٣) كقولك : قمت أنا وزيد ، أمّا إذا وقع الفصل بين المضمر المذكور ، وبين المعطوف فإنّ العطف عليه حينئذ يجوز من غير تأكيد سواء وقع الفاصل قبل حرف العطف نحو : ضربت اليوم وزيد ، أو بعد ، كقوله تعالى : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا)(٤) وإذا عطف على الضمير المجرور ، أعيد الجارّ حرفا كان أو مضافا (٥) نحو : مررت بك وبزيد ، وجلس بيني وبين زيد ، لأنّ الضمير المجرور صار كالجزء من الجار فكرهوا أن يعطفوا المستقلّ على ما هو كالجزء ، أمّا قراءة حمزة (٦) واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام (٧) بالخفض (٨) فغير متعيّن للعطف لاحتمال القسم (٩).
__________________
(١) الكافية ، ٤٠٠ ـ ٤٠١.
(٢) شرح الكافية ، ١ / ٣١٧.
(٣) الإنصاف ، ٢ / ٤٧٤ وشرح المفصل ، ٣ / ٧٤ وتسهيل الفوائد ، ١٧٧.
(٤) من الآية ١٤٨ من سورة الأنعام.
(٥) انظر الأنصاف ، ٢ / ٤٦٣ وتسهيل الفوائد ، ١٧٧.
(٦) هو حمزة بن حبيب بن عمارة الزّيّات أحد القرّاء السبعة أخذ القراءة عن سليمان الأعمش وطلحة بن مصرف وصارت إليه الإمامة بعد عاصم والأعمش له من الكتب كتاب قراءة حمزة وكتاب الفرائض ، توفي سنة ١٥٦ ه انظر ترجمته في الفهرست ، ٤٤ ووفيات الأعيان ، ٢ / ٢١٦ وغاية النهاية ، ١ / ٢٦١ ـ ٢٦٣ وتهذيب التهذيب ، لابن حجر ٣ / ٢٧ والنشر ، ١ / ١٦٦.
(٧) من الآية ١ من سورة النساء.
(٨) على العطف على الهاء في به وذلك مذهب الكوفيين ، وقرأ الباقون بالنصب عطفا على لفظ الجلالة على معنى واتقوا الأرحام أن تقطعوها ، أو على به كقولك مررت به وزيدا الكشف ١ / ٣٧٦ والبحر المحيط ، ٣ / ١٥٧ والإتحاف ، ١٨٥.
(٩) قال ابن يعيش ٣ / ٨٧ بعد ذكره القراءة ما نصه : «فإن أكثر النحويين قد ضعف هذه القراءة نظرا إلى العطف على المضمر المخفوض ... وهذا القول غير مرضي لأنه قد رواها إمام ثقة ولا سبيل إلى رد نقل الثقة مع