/ ذكر الضمير المستتر (١)
وهو كلّ مضمر محتاج إليه لم يضعوا له لفظا يخصّه ، واستغنوا بدلالة سياق الكلام عليه نحو : زيد قام ، زيد منطلق ، فلا بدّ في قام ومنطلق من ضمير يعود على زيد وهو ضمير لم يضعوا له لفظا ، فلا يقال إنّه محذوف ، بخلاف قولك : جاءني الذي ضربت ، فإنّه لا بدّ من ضمير مفعول لضربت يعود على الذي ؛ لكنّه محذوف لأنّ له لفظا يخصّه ، ويجوز ذكره فكان المحذوف فيه محققا بخلاف الضمير في زيد منطلق لما ذكر (٢).
والضمير المرفوع المتصل خاصة يستتر (٣) في الفعل الماضي للمذكّر الغائب نحو : زيد ضرب ، وللغائبة بقرينة تاء التأنيث الساكنة نحو : هند ضربت ، وإنما استتر المرفوع المتصل بخلاف المنصوب والمجرور المتصلين نحو : إنّه وله ، لشدّة اتصال المرفوع بالعامل دونهما ، ويستتر الضمير المذكور أيضا في المضارع للمتكلّم مطلقا ، للمفرد وغيره لقيام القرينة ، إذ الهمزة قرينة المفرد المتكلّم ، والنون قرينة غيره مطلقا ، ويستتر أيضا في المضارع للمخاطب نحو : أنت تقوم ، وللغائب نحو : زيد يقوم ، ويستتر أيضا في فعل الأمر للمخاطب نحو : قم وللمؤنّث الغائبة نحو : هند تقوم ، بخلاف المخاطبة والمخاطبين المذكّرين والمخاطبتين المؤنّثتين والمخاطبات ، فإنّه أبرز في ذلك لرفع الالتباس نحو : تضربين فالياء ضمير المؤنّث ، وزعم الأخفش أنها علامة التأنيث (٤) وأنّ الضمير مستكنّ كما في المذكّر ، وهو مردود ؛ لأنّ الياء في نحو : تقومين وتضربين لو كانت للتأنيث لما فارقت في التثنية ، وكان يلزم أن يقال ؛ تقوميان لكنّها فارقت ، فهي ضمير متصل بارز ، وكذلك ألف تضربان ونون تضربن ، وتضربان مشترك بين المخاطبين المذكّرين والمخاطبتين المؤنّثتين ، ويستتر الضمير
__________________
(١) الكافية ، ٤٠٣.
(٢) شرح الوافية ، ٢٧٥ ـ ٢٧٦ وانظر شرح التصريح ، ١ / ١٠٢.
(٣) غير واضحة في الأصل.
(٤) وشبهة الأخفش أن فاعل المضارع المفرد لا يبرز بل يفرق بين المذكر والمؤنث بالتاء أول الفعل في الغيبة ، ولما كان الخطاب بالتاء في الحالتين احتيج إلى الفرق ، فجعلت الياء علامة للمؤنث ، ورد زعمه بما ذكره المصنف. انظر شرح المفصل ، ٣ / ٨٨ والهمع ، ١ / ٥٧.