فإنّه يلحق البعض دون البعض ، إذ لا يقال : هذا لك بالاتفاق ، وجعلوا ذا للقريب ليكون الاسم المجرّد من الزيادة للقريب المجرّد من زيادة المسافة ، وذاك للمتوسّط بزيادة حرف الخطاب لتشعر الزيادة في اللفظ بالزيادة في المسافة ، وذلك بزيادة اللام للبعيد لتشعر زيادة الحرفين على البعد في المسافة ، وهو رأي بعض النحويين (١) وإذا قصدوا البعيد في المثنّى شدّدوا النون من ذانك وتانك (٢) وفي الواحدة المؤنّثة استعملوا تلك ، وفي المجموع زادوا اللّام وقصروا فقالوا : أولالك (٣) فهؤلاء للجماعة القريبة ، وأولئك للمتوسّطة ، وأولالك للبعيدة (٤) واعلم أنّهم قد وضعوا أسماء يشيرون بها إلى الأمكنة. خاصة وهي : ثمّ وهنا ، فثمّ يشيرون به إلى ما بعد من الأمكنة ، وهنا وهاهنا إلى المكان القريب ، وهناك إلى المتوسط ، وهنالك إلى البعيد ، وفي هنا ثلاث لغات ، إحداها : ضمّ الهاء مع تخفيف النون ، والثانية : فتحها مع تشديد النون ، والثالثة : كسرها مع تشديد النون أيضا لكنّ الفتح أكثر (٥).
ذكر الموصولات (٦)
وهي ثالث أقسام المبنيّات ، والموصول مبهم بدون صلته ، كما أنّ اسم الإشارة مبهم بدون صفته ، فإن قيل الموصولات وأسماء الإشارة معارف فكيف يجتمع الإبهام والتعريف ، فالجواب : أنّ إبهامها إنّما هو بحسب الوضع لا بحسب الاستعمال ، فإنّها معارف بحسبه كما في الضمائر من مثل : أنا وأنت وهو ، وإنّما يبنى الموصول لمشابهته الحرف من حيث احتياجه إلى الغير في إيضاحه وهو الصّلة (٧) وحدّ الموصول : اسم لا يتم جزءا من الكلام من مسند ومسند إليه ، ومضاف إليه وتابع ،
__________________
(١) شرح الوافية ، ٢٨٧ وانظر شرح الكافية ٢ / ٣٣.
(٢) في الرفع متفق على جوازه ، وأما في النصب والجر فمنعه البصري وأجازه الكوفي. شرح الأشموني ، ١ / ١٤٧.
(٣) تسهيل الفوائد ، ٣٩.
(٤) شرح التصريح ، ١ / ١٢٩.
(٥) شرح المفصل ، ٣ / ١٣٧ وشرح الأشموني ، ١ / ١٤٤ ـ ١٤٥.
(٦) الكافية ، ٤٠٥.
(٧) شرح المفصل ، ٣ / ١٣٩ وشرح الكافية ، ٢ / ٣٦.