ومنها : أيّان ، وهي ظرف زمان كمتى في الاستفهام كقوله تعالى : (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ)(١).
ومنها : كيف ، لزمان الحال (٢) تقول : كيف زيد أي على أيّ حال هو ، ولا يجازى بها في الأفصح (٣) وإن دخلت ما عليها فتقول : كيف ما تكون أكون ، وقد جازى بها الكوفيون مع ما ، واختاره الزّجاجي (٤) في الجمل (٥) فتقول : كيفما تكن أكن.
ومن الظروف المبنيّة مذ ومنذ (٦) وهما بمعنيين :
أحدهما : بمعنى أوّل المدّة فيليهما المفرد المعرفة ، وهو الزمان الذي يصلح أن يكون جوابا لمتى ليدلّ على أول المدّة الذي هو المطلوب ، كقولك : متى كان ابتداء رؤية زيد ، فتقول في الجواب : منذ أو مذ يوم الجمعة ، لأنّ جواب متى بتعيين الوقت ، فلذلك وليهما المفرد المعرفة أعني قولك : مذ يوم الجمعة وشبهه.
والثاني : أن يكونا بمعنى جميع المدّة ، فيليهما المقصود بالعدد لبيان جميع المدّة التي هي المقصودة ، وهي الزمان الذي يصلح أن يكون جوابا لكم ، نحو : ما رأيته مذ أو منذ يومان ، وبنيا لشبههما بمن لأنّهما لابتداء الغاية في الزمان كما أنّ من الابتداء لغاية في المكان (٧) وقد يقع بعدهما أن أو الفعل أو المصدر نحو : ما رأيته مذ أن سافر ، أو مذ أنّه سافر ، أو مذ سافر أو مذ سفره ، فيجب تقدير زمان مضاف إلى كلّ واحد ممّا ذكر ، فيكون تقدير ذلك ، ما رأيته مذ زمان أن سافر ومذ زمان سافر ومذ زمان سفره ، ووجب ذلك لأنّ منذ ومذ لابتداء غاية الزّمان ، فإذا
__________________
(١) من الآية ١٢ من سورة الذاريات.
(٢) شرح المفصل ، ٤ / ١٠٩ وشرح الكافية ، ٢ / ١١٧ وهمع الهوامع ، ١ / ٢١٤.
(٣) الإنصاف ، ٢ / ٦٤٣ وشرح الكافية ، ٢ / ١١٧ ومغنى اللبيب ١ / ٢٠٥.
(٤) هو عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي ، من النحويين المشهورين ، أصله من نهاوند ، وأقام في دمشق ، توفي سنة ٣٤٠ ه انظر ترجمته في إنباه الرواة ، ٢ / ١٦٠ ووفيات الأعيان ، ٣ / ١٣٦. وبغية الوعاة ، ٢ / ٧٧.
(٥) قال في الجمل ٢١١ «وحروف الجزاء إن ومهما وحيثما وإذ ما وكيف وكيفما وأين وأينما وأي وأيان وما ومن» وما ذكره أبو الفداء هنا منقول من شرح الوافية ، ٣٠٢ ـ ٣٠٣.
(٦) الكافية ، ٤٠٨.
(٧) شرح الوافية ، ٣٠٣ وشرح المفصل ، ٤ / ٩٣ ورصف المباني ، ٣١٩ ـ ٣٢٨ والمغني ، ١ / ٣٣٥.