وليهما غيره وجب تقديره ليتوفّر عليهما ما يقتضيانه من الزّمان ، ومذ ومنذ في هذه الصور المذكورة مبتدأ وما بعدهما خبرهما (١) وهما معرفتان ، لأنّهما في تأويل الإضافة لأنّهما بمعنى أوّل المدّة أو بمعنى جميع المدّة خلافا للزّجاج ، فإنّهما عنده خبران ، والمبتدأ ما بعدهما أي يوم الجمعة أول المدة ، ويومان جميع تلك المدّة (٢).
ومنها : لدى (٣) وهي من الظروف المبنيّة ، وفيها ثماني لغات (٤) أربع مع ثبوت النون ، وأربع مع حذفها ، فالأربع التي مع ثبوت النون ، لدن بفتح اللام والدال ، ولدن بفتح اللام وضم الدال ، ولدن بفتح اللام وسكون الدال ، ولدن بضم اللام وسكون الدال ، والأربع التي مع حذف النون لد بفتح اللام وسكون الدّال ، ولد بضم اللّام وسكون الدال ، ولد بفتح اللّام وضمّ الدّال ، ولدى بفتح اللّام وفتح الدّال ، وإنّما بنيت لأنّ وضع لد ولد وضع الحرف ، وأجريت بقية اللغات مجراها (٥) ومعناها أخصّ من معنى عند ، لأنّك تقول : عندي كذا ، لما كان في حوزك سواء حضرك أو لم يحضرك ، ولدى لما حضرك ولم يتجاوزك. وحكمها أن يجرّ بها على الإضافة ، فتجرّ ما تضاف إليه ، نحو : المال لدى زيد ، لكن نصب العرب بلدن غدوة خاصة (٦) كأنّهم شبّهوا نونها بالتنوين فنصبوا بها غدوة كما نصبوا زيتا في قولهم : رطل زيتا (٧) قال الشاعر : (٨)
لدن غدوة حتّى أروح وصحبتي |
|
عصاة على التّاهين شمّ المناخر |
بنصب غدوة.
__________________
(١) المقتضب ٣ / ٣٠ والهمع ، ١ / ٢١٦.
(٢) الهمع ، ١ / ٢١٦.
(٣) الكافية ، ٤٠٨.
(٤) بلغت ١٧ لغة. انظر لدن ولدى ، للمحقق ٩ ـ ١٦.
(٥) هذا رأي ابن الحاجب في علة بنائها ، شرح الوافية ، ٣٠٤ وشرح الكافية ، ٢ / ١٢٣.
(٦) بعدها في شرح الوافية ، ٣٠٤ «تشبيها لنونها بالتنوين لما رأوها تنزع عنها وتثبت» وانظر الكتاب ، ١ / ٥٩ وشرح التصريح ، ٢ / ٤٧.
(٧) وفي شرح الكافية لابن الحاجب ، ٢ / ٥٧٠ ، «كما نصب زيتا في قولهم : عندي رطل زيتا».
(٨) لم أهتد إلى قائله. وما رأيت أحدا ذكره في المصادر التي بين يديّ.