موازن يضرب ، ومكرم موازن يكرم ، فلمّا / انعقد هذا الشبه بينهما عمل عمله ، ولهذه المشابهة أيضا أعطيت الأفعال المضارعة الإعراب ، وليس بين اسم الفاعل والفعل الماضي هذه الموافقة ، فإنّ ضاربا مثل يضرب لا مثل ضرب ، فإذا شرط فيه معنى الحال أو الاستقبال قوي شبهه به لفظا ومعنى ، سواء كان الحال أو الاستقبال تحقيقا أو حكاية كقوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)(١) فإنّ باسطا ها هنا ، وإن كان ماضيا لكنّ المراد به حكاية الحال (٢) والمراد بقولنا : يعمل عمل فعله : أنه يعمل عمله في التقديم والتأخير ، والإظهار والإضمار ، وفي اللزوم والتّعدي إلى مفعول أو إلى اثنين أو ثلاثة ، وإنّ الفعل كما يتعدّى إلى الحال والمصدر والمفعول له والمفعول معه وسائر الفضلات ، فكذلك اسم الفاعل منه ، فمثال عمله في التقديم : زيد ضارب غلامه عمرا ، وفي التأخير : زيد عمرا مكرم ، فتنصب عمرا بمكرم ، وفي الإظهار المثال المتقدّم ، وفي الإضمار : زيد ضارب بكر وعمرا ، بخفض بكر ونصب عمرا ، أي ضارب عمرا لأنّ بكرا مخفوض فلما نصب عمرا ، عطفا عليه لم يكن نصبه إلّا على تقدير وضارب عمرا (٣) ومثاله في اللزوم : زيد قائم أبوه ، وفي التعدي (٤) إلى واحد : زيد ضارب عمرا وإلى مفعولين : زيد معط عمرا درهما ، وظانّ خالدا منطلقا ، وإلى ثلاثة نحو : زيد معلّم أباه عمرا منطلقا (٥) وأمّا اشتراط اعتماد اسم الفاعل على صاحبه أو على الهمزة أو على ما النافية ، فالمراد بصاحب اسم الفاعل ، اسم قبله محكوم عليه فلو قلت : ضارب زيد عمرا من غير اعتماد لم يجز ، لأنّ اسم الفاعل صفة في المعنى ، فلا بدّ من موصوف نحو : مررت برجل ضارب أبوه عمرا ، وقد يكون ذا حال نحو : جاءني الرجل (٦) ضاربا عمرا.
__________________
(١) من الآية ١٨ من سورة الكهف.
(٢) وبذلك رد النحاة رأي الكسائي المجيز إعمال اسم الفاعل وهو بمعنى المضيّ مستدلا بالآية الكريمة. انظر شرح الكافية ٢ / ٢٠٠ ـ ٢٠١.
(٣) وقدر بعضهم الناصب فعلا لا وصفا ، شرح المفصل ٦ / ٦٩.
(٤) غير واضحة في الأصل.
(٥) شرح التصريح ٢ / ٦٥ وحاشية الصبان ، ٢ / ٢٩٢.
(٦) في الأصل رجل ، ولم يجز أبو الفداء في باب الحال ٨٢ ـ ٨٣ مجيء صاحب الحال نكرة تبعا لسيبويه ، وانظر الكتاب ، ٢ / ١١٢ وحاشية الصبان ، ٢ / ١٨١.