وبياضا وعمى وانطلاقا ، وأجود منه إدراكا (١) ، وقد شذّ أفعل من الرباعي (٢) في نحو قولهم : هو أعطاهم للدرهم وأولاهم للمعروف ، وأنت أكرم لي من زيد ، وهذا المكان أقفر من غيره ، وفي الحديث «جوف اللّيل أجوب دعوة» أي أشدّ إجابة (٣).
ذكر استعماله للفاعل والمفعول (٤)
قياس أفعل التفضيل أن يبنى للفاعل ، كما أنّ فعل التعجّب لا يكون إلّا للفاعل ، لأنّ الفاعل هو المقصود بالنسبة إليه في المعنى ، والمفعول فضلة ، فوجب أن يبنى لما هو المقصود ، وقد يجيء أفعل التفضيل للمفعول كقولهم : هو أعذر وأشغل وأشهر ، أي يعذر كثيرا أو معذور كثيرا وكذلك مشغول ومشهور (٥).
ذكر الأمور الثلاثة التي لا يستعمل أفعل إلّا بأحدها (٦)
لا يستعمل أفعل التفضيل إلّا مضافا ، أو بمن ، أو باللّام كقولك : زيد أفضل القوم ، وزيد أفضل من عمرو ، وقد يحذف من (٧) إذا كان معلوما كقولهم : الله أكبر ، أي من كلّ كبير (٨) وأمّا استعماله باللام فنحو : زيد الأفضل (٩) وإنّما وجب ذلك لأنّ الغرض بوضعه الزيادة على المفضّل عليه وذلك ، لا يتأتّى إلّا بأحد هذه الثلاثة ، أمّا
__________________
(١) شرح المفصل ، ٦ / ٩١ وشرح الكافية ، ٢ / ٢١٣ وشرح الأشموني ، ٣ / ٤٤.
(٢) الكتاب ، ٤ / ١٠٠ وشرح المفصل ، ٦ / ٩٢ وقد أوجز ابن هشام في الأوضح ، ٣ / ٢٦٦ ـ ٢٨٧ الآراء في «أفعل» بقوله : فقيل : يجوز مطلقا ، وقيل : يمتنع ، وقيل : يجوز إن كانت الهمزة لغير النقل».
(٣) النهاية ، الابن الأثير ١ / ٢١٥ ونصه : أنّ رجلا قال يا رسول الله : أي الليل أجوب دعوة قال : جوف الليل الغابر أجوب. وشرح ابن الأثير الحديث بقوله : أي أسرع إجابة كما يقال أطوع من الطاعة وقياس هذا أن يكون من جاب لا من أجاب ، لأنّ ما زاد على الفعل الثلاثي لا يبنى منه أفعل من كذا إلّا في أحرف جاءت شاذة. وانظر الكتاب ، ٤ / ٩٩ واللسان ، جوب ، وشرح المفصل ، ٦ / ٩٢.
(٤) الكافية ، ٤١٤.
(٥) شرح الوافية ، ٣٣١ وشرح الكافية ، ٢ / ٢١٤.
(٦) الكافية ، ٤١٤.
(٧) زيادة يتضح بها المعنى من شرح الوافية ، ٣٣٢ والنقل منه.
(٨) يدل على ذلك أنه لو لم تكن «من» مرادة لوجب صرف الاسم ، لأنه على أفعل ولا معنى للوصف به ، وإذا لم ينصرف دل على أن من مرادة. شرح المفصل ، ٦ / ٩٩.
(٩) شرح الوافية ، ٣٣٢.