الفصل السادس
مذهب أبي الفداء النحوي وموقفه من النحاة (١)
نستطيع أن نقرّر على ضوء ما رأينا في كتاب الكناش أن أبا الفداء بصريّ المذهب والنزعة كغيره من النحويين المتأخرين ، فقد أيد البصريين في عدد كبير من آرائهم ووافقهم في الأسس التي قامت عليها مدرستهم يتّضح ذلك مما يأتي :
١ ـ العامل
أيد أبو الفداء البصريين في نظرية العامل «اللفظي والمعنوي» ، فقد أورد في كناشه عددا من المسائل تدل على اتجاهه هذا ، من ذلك :
أ ـ تقريره أن العامل في الفاعل والمفعول به هو الفعل ، والدلالة على كون الفعل هو العامل في الفاعل تتضح من قوله : «والضمير المرفوع المتصل خاصة يستتر في الفعل الماضي للمذكر الغائب نحو : زيد ضرب ... وإنما استتر المتصل بخلاف المنصوب والمجرور المتصلين نحو : إنه وله ، لشدة اتصال المرفوع بالعامل دونهما» (٢) وقال في موضع آخر : «والضمائر مع ثبوت عواملها لا تتغير عن حالها ألا ترى أن الياء في تضربين والنون في تضربن والواو في تضربون ، والألف في تضربان لا تتغير بوجه لأنها ضمائر» (٣).
ودلّ في موضع آخر على أن هذه الضمائر هي الفاعل فقال : «إن الألف في يفعلان اسم وهي ضمير الفاعل ... وهي في يضربان اسم وكذلك القول في واو يضربون ونحوه فإنها اسم وهو ضمير الفاعل ... وكذلك الياء في تضربين ضمير
__________________
(١) آثرنا الإيجاز والاختصار في هذا الفصل والاكتفاء ببيان المعالم العامة لنزعته النحوية.
(٢) الكناش ، ١ / ٢٤٩.
(٣) الكناش ، ١ / ٢٥٠.