فقالوا : أيها الشّيخ أيش سبب هذا ، فرد رجلك مكشوفة ، وفرد رجلك مغطاة؟ فقال : حججت الحجة الأخيرة ، فلما رجعت من مكة كنت في كنيسة (١) فجاز علي فقير فقال لي : أيها الشّيخ أحد عندك رمانة؟ فقلت له : هاهنا موضع رمان؟! أطلب منى حبة كعك ، أو ماء ، الذي يوجد هاهنا. فقال لي : أتريد أنت رمانا؟ قلت : نعم. فأدخل يده في كمه فأخرج رمانة ورماها إلى المحمل ، ولم يزل يرمي رمانة رمانة حتى امتلأت الكنيسة رمانا ثم غاب عني. قال فبقيت أتعجب منه ، وفرقت الرمان في القافلة ، وحملت منه إلى بغداد ، فلما كان من الغد جاز علي فرآني نائما ، وفرد رجلي خارج الكنيسة فقال لي : أما يكفيك أن تنام بين يدي سيدك حتى تمد رجلك؟ قال وضرب بفرد كمه على رجلي فوقع في رجلي مثل النار ، فكلما غطيتها سكن الضربان ، وكلما كشفتها يعود ذلك الضربان.
حدّثنا إبراهيم بن هبة الله الجرباذقاني حدّثنا معمّر بن أحمد الأصبهانيّ قال سمعت أبا عبد الله البغدادي يقول : سمعت هبة الله الضّرير ـ ببغداد ـ يقول : دخل جعفر الخلدي بلد حمص ، فسألوه القيام عندهم سنة. فقال : على شريطة. قيل له : وما هي؟ قال تجمعون لي كذا وكذا ألف دينار ، قال فجمعوا له ما سأل. فقال احملوها إلى الجامع قال فجعلت على قطع ، قال ففرق كل ذلك على الفقراء فلم يأخذ منها شيئا ، ثم قال : لم أكن أحتاج إلى الدنانير ولكن أردت أن أجرب رغبتكم في وقوفي عندكم!!
سمعت أبا الحسن محمّد بن أحمد بن رزق يقول : مات جعفر الخلدي في سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.
حدّثنا محمّد بن الحسين بن الفضل القطّان. قال : توفي جعفر الخلدي يوم الأحد لسبع خلون من شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.
بغدادي نزل مكة فأقام بها إلى حين وفاته ، وحدث بها أحمد بن الهيثم بن خالد البزّاز صاحب أبي نعيم. وعن عيّاش بن محمّد الجوهريّ ، وغيرهما. روى عنه منير ابن أحمد المصريّ.
__________________
(١) هكذا في النسختين في جميع المواضع.