مطرا شديدا فأقمت في المسجد للصلاة ، فإذا أنا بشخص حيالي إذا أطرقت نظر إلي ، وإذا رفعت رأسى أطرق ـ فعل هذا مرات ـ فدعوت به وقلت ما شأنك؟ فقال ملهوفا : أنا رجل متجمل جاء هذا المطر فسقط بيتي ، ولا والله ما أقدر على بنيانه ، قال فأقبلت أفكر من له؟ فخطر ببالي غسان بن عبّاد ، فركبت إليه معه وذكرت له شأنه فقال : قد دخلتنى له رقة هاهنا عشرة آلاف درهم قد كنت أريد تفرقتها فأنا أدفعها إليه ، فبادرت إليه وهو على الباب فأخبرته ، فسقط مغشيا عليه من الفرح ، فلامنى ناس رأوه ، وقالوا ما صنعت؟ فدخلت إلى غسان فأمر بإدخاله ، ورش على وجهه من ماء الورد حتى أفاق ، فقلت : ويحك ما نالك؟ قال ورد على من الفرح ما أنزل بى ما ترى. ثم تحدّثنا مليا فقال لي غسان قد دخلتنى له رقة ، قلت فمه؟ قال : احمله على دابة ، فقلت له إن الأمير قد عزم في أول أمرك على شيء ، أفمن رأيك أن تموت إن أخبرتك؟ قال لا : قلت قد عزم على حملك على دابة ، قال أحسن الله جزاءه ، ثم تحدّثنا مليا فقال لي قد دخلتنى لهذا الرجل رقة ، قلت فما تصنع به؟ قال أجرى له رزقا سنيا وأضمه إلي ، فقلت له : إن الأمير قد عزم في أمرك على شيء أفمن رأيك أن تموت؟ قال لا ، قلت : إنه قد عزم على أن يجرى لك رزقا سنيا ويضمك إليه ، قال أحسن الله جزاءه ، ثم ركب ودفعت البدرة إلى الغلام يحملها ، فلما سرنا بعض الطريق قال لي : ادفع البدرة إلي أحملها ، قلت : الغلام يكفيك ، قال آنس بمكانها على عنقي! ثم غدوت به إلى غسان ، فحمله وضمه إليه وخص به ، فكان من خير تابع.
قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي. قال : توفى أبو حسّان الزّيادي في رجب سنة اثنتين وأربعين ومائتين ، وكان من كبار أصحاب الواقدي.
أخبرنا على بن المحسن أخبرنا طلحة بن محمّد بن جعفر. قال : ومات أبو حسّان الزّيادي فيما أخبرني محمّد بن جرير سنة اثنتين وأربعين ومائتين في رجب ، وله تسع وثمانون سنة وأشهر ، ومات هو والحسن بن علي بن الجعد في وقت واحد ، وأبو حسّان على الشرقية ، والحسن بن علي على مدينة المنصور.
حدث ببلاد خراسان ، وما وراء النهر عن عبد الله بن إسحاق المدائني ، وطبقته.
__________________
٣٨٧٨ ـ انظر : الأنساب ، للسمعاني ٣ / ٧٦.