قلت : وهذا التاريخ المذكور إنما هو لخروجه عن مصر ، فأما وفاته فبعد ذلك بزمان طويل.
وكان أبوه شاعرا صحب أبا نواس وأخذ عنه ، ويلقب يوسف لقوه. وكان منشؤه بالكوفة وأما حجّاج فبغدادي المولد والمنشأ. سمع يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، وأبا أحمد الزبيري ، وعبد الصّمد بن عبد الوارث ، وقرادا أبا نوح ، وعثمان بن عمر بن فارس ، وشبابة بن سوار ، وإسحاق بن منصور ، وعبد الرّزّاق بن همّام ، ويزيد بن أبي حكيم. روى عنه محمّد بن إسحاق الصاغاني ، وأبو داود السجستاني ، ومسلم بن الحجّاج ، وصالح بن محمّد جزرة ، وعبيد العجل ، وعبد الرّحمن بن يوسف بن خراش ، وجماعة آخرهم الحسين بن إسماعيل المحامليّ ، وكان ثقة فهما حافظا.
قال بن أبي حاتم : كتبت عنه وهو ثقة من الحفاظ ، ممن يحسن الحديث ، وسئل أبي عنه فقال : صدوق.
حدّثني الأزهري ، أنبأنا أبو سعد الإدريسي ، حدّثنا أحمد بن أحيد البخاريّ ، حدّثنا صالح بن محمّد الحافظ قال : سمعت حجّاج بن الشّاعر يقول : جمعت لي أمي مائة رغيف فجعلتها في جراب ، وانحدرت إلى شبابة بالمدائن فأقمت ببابه مائة يوم ، كل يوم أجيء برغيف فأغمسه في دجلة فآكله ، فلما نفد خرجت.
أنبأنا أبو نصر أحمد بن عليّ بن عبدوس الأهوازيّ ، حدّثنا أبو بكر بن المقرئ الأصبهانيّ قال : سمعت أبا بشر الدولابي يقول : كان عند الحجّاج بن الشّاعر حديث يسأل عنه قال : فصرنا إليه نسأله ، قال : فجلس يبكي فقلنا : مالك تبكي؟ فقال : إذا حدّثتكم بهذا أيش يبقى عندي؟!
أخبرني الأزهري قال : قال لنا أبو بكر بن شاذان ، حدّثنا أبو عبيد بن المحامليّ قال : بلغني عن حجّاج بن الشّاعر أنه سمعه بعض الجيران وهو يقول : كذبت يا عدو الله ، كذبت يا عدو الله ، قال : فدخل عليه فقال : ما هذا؟ قال : أدخلت إحليلي في جوف البالوعة ، فجاء الشيطان فقال : قد أصاب طهرك. قال : وبلغني أنه مر يوما في درب وفي آخره ميزاب ، فقال : أصابني لم يصبني؟ فلما طال عليه جاء فجلس تحته وقال : استرحت من الشك.
__________________
٤٣٤٤ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٢ / ١٥٣.