وفي الثاني : كنّا معه عليهالسلام فسمع إقامة جار له بالصلاة ، فقال : « قوموا » فقمنا فصلّينا معه بغير أذان ولا إقامة ، وقال : يجزئكم أذان جاركم » (١).
وظاهرهما ـ من حيث التضمن للفظ الإجزاء ـ كون السقوط هنا رخصة لا عزيمة ، وبه صرّح جماعة (٢).
وكذا ظاهرهما جواز الاجتزاء بالإقامة عنها أيضا ، لكن يستفاد من أوّلهما اشتراط عدم التكلم بعدها. وهو حسن ، لأن الكلام من المقيم بعد الإقامة مقتض لإعادتها ، كما مضى ، وهذه الإقامة أضعف حكما ، فبطلانها بالكلام بعدها أولى.
وهل يجتزئ المنفرد بأذان المنفرد؟ قال الشهيد رحمهالله : فيه نظر ، أقربه ذلك ، لأنه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى (٣). وهو حسن.
ثمَّ إن إطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في المؤذّن بين كونه مؤذّن مصر ، أو مسجد ، أو منفردا.
وجزم بعضهم (٤) باختصاص الحكم بمؤذّن الجماعة والمصر ، ومنع من الاجتزاء بسماع أذان المنفرد بأذانه ـ وهو ما عدا مؤذّن الجماعة والمصر ـ وحمل قولهم : وإن كان منفردا ، على أن المراد بالمنفرد المنفرد بصلاته لا بأذانه.
وهو خروج عن إطلاق النصوص والفتاوى المتقدمين ، بل ظاهر الأخيرين منها.
( الثانية : من أحدث ) في الأذان والإقامة بنى بعد الطهارة وقبلها إذا لم يقع فصل فاحش ، ولا يستأنف ، بناء على عدم اشتراط الطهارة فيهما. ولكن
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٨٥ / ١١٤١ ، الوسائل ٥ : ٤٣٧ أبواب الأذان والإقامة بـ ٣٠ ح ٣.
(٢) منهم الفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ١١٦ ، وانظر المدارك ٣ : ٣٠٠ ، والذخيرة : ٢٥٨.
(٣) راجع الذكرى : ١٧٣.
(٤) الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٢٨.