لما كان بينها وبين الشرطية منافاة ، فلا وجه لجعله لها مقابلا للركنية.
وكيف كان فلا خلاف في ركنيتها بهذا المعنى ، وادعى عليه جماعة اتفاق العلماء (١) ، وهو الحجة بعد الكتاب (٢) ، والسنة المستفيضة الدالة على اعتبار الإخلاص في العبادة (٣) ، وأنه لا عمل بلا نية (٤). والمناقشة في الدلالة واهية.
واختلفوا في كون النية شرطا أو جزءا ، فالذي اختاره الماتن هنا وكثير (٥) : الأول ، قال في المنتهى : لأن الشرط ما يقف عليه تأثير المؤثّر ، أو ما يقف عليه صحة الفعل ، وهذا متحقق فيها ، وأيضا ( فإنها تقع مقارنة ) لأوّل جزء من الصلاة ـ أعني التكبير ـ أو سابقة عليه ، فلا يكون جزءا (٦).
وهما ضعيفان ، كأكثر الوجوه المستدل بها على القولين. وقد فرع عليهما أمور لا يتفرع بعضها عليهما ، وبعضها قليل الفائدة.
وحيث كانت المسألة بهذه المثابة كانت الفائدة في تحقيقها قليلة ، فالإعراض عن الإطالة فيها أولى ، والاشتغال بتحقيق ما هو أهمّ أحرى ( و ) هو أنه ( لابد ) في النية ( من نية القربة ) وهي غاية الفعل المتعبّد به ، قرب الشرف لا الزمان والمكان ، لتنزّهه تعالى عنهما ، ولو جعلها لله تعالى كفى. ( والتعيين ) من ظهر وعصر أو غيرهما. ( والوجوب ) إن كان واجبا ( أو الندب ) إن كان مندوبا. ( والأداء ) إذا كان في الوقت ( أو القضاء ) إذا كان
__________________
(١) منهم العلامة في المنتهى ١ : ٢٦٦ ، والتذكرة ١ : ١١١ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٢٨.
(٢) الأنعام : ١٦٢ ، الإسراء : ٢٣ ، البينة : ٥.
(٣) الوسائل ١ : ٥٩ أبواب مقدمة العبادات بـ ٨.
(٤) الوسائل ١ : ٤٦ أبواب مقدمة العبادات بـ ٥.
(٥) كالمحقق في المعتبر ٢ : ١٤٩ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٥٤ ، وصاحب المدارك ٣ : ٣٠٨.
(٦) المنتهى ١ : ٢٦٦.