وهو ـ مع قصوره عن المقاومة لما مر من وجوه عديدة ـ محمول على التقية ، لكونه مذهب العامة ، كما صرّح به جماعة ومنهم شيخ الطائفة حيث قال ـ بعد نقله ـ : هذا الخبر موافق للعامة ولسنا نعمل به ، والعمل على الخبر الأوّل (١). وفي عبارته هذه إشعار بالإجماع أيضا.
وأما الاعتراض على هذا الحمل بأنه فرع عدم وجود قائل به من الطائفة (٢) فغريب ، إذ ما دلّ على لزوم حمل الأخبار على التقية من الاعتبار والأخبار غير مشترطة لما ذكر بالمرّة.
وأما الاحتجاج للاستحباب بآية ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً ) (٣) فلا وجه له ، لدلالتها بظاهرها على وجوب القراءة المتوسطة في جهرية أو إخفاتية ، أو استحبابها ، وكلاهما ينفيان رجحانهما في مواضعهما ، وهو مخالف للإجماع جدّا ، وكذا إن فرض دلالتها على التسوية بينهما.
وإن حملت على ان المراد من الوسط الوسط من الجهر فيما يجهر ومن الإخفات فيما يخافت فيه ، ومحصّلها حينئذ المنع من الجهر والإخفات الزائدين عن المعتاد ، كما فسّرته به كثير من النصوص (٤) فحسن ، إلاّ أنه لا حجة فيها على القائل بالوجوب ، بل هي مجملة تفسّرها الأخبار السابقة. وبالجملة فلا ريب في المسألة.
ويعذر الناسي والجاهل هنا إجماعا على الظاهر ، المصرّح به في التذكرة
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٦٢ ، الاستبصار ١ : ٣١٣.
(٢) انظر المعتبر ٢ : ١٧٧.
(٣) الإسراء : ١١٠.
(٤) كما في تفسير العياشي ٢ : ٣١٨ / ١٧٣ ، ١٧٥ ، ١٧٧.