عمومهما بين الأصحاب اشتهارا كاد أن يكون إجماعا ، بل إجماع من المتأخرين حقيقة ، وقد مرّ نقله عن الغنية صريحا والمنتهى ظاهرا.
مع قصور هذين دلالة ، فإن التوجه إلى القبر أعم من اتّخاذه قبلة ، كما أن البأس المفهوم من أوّلهما أعم من التحريم ، فلا يصلح شيء منهما لإثباته جدّا.
مع معارضتهما ـ زيادة على ما مر ـ بالنصوص الكثيرة الدالة على جواز الصلاة خلف قبر الإمام عليهالسلام ، بل استحبابها ، كما يستفاد من بعضها بالنسبة إلى الحسين عليهالسلام : منها : الصحيح المروي في التهذيب : عن الرجل يزور قبور الأئمة عليهمالسلام هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟ وهل يجوز لمن صلّى عند قبورهم أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة ، أو يقوم عند رأسه ورجليه؟ وهل يجوز أن يتقدّم القبر ويصلّي ويجعله خلفه أم لا؟ فأجاب عليهالسلام ـ وقرأت التوقيع ، ومنه نسخت ـ : « أما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة ، بل يضع خدّه الأيمن على القبر ، وأما الصلاة فإنها خلفه يجعله الامام ، ولا يجوز أن يصلّي بين يديه ، لأن الإمام لا يتقدّم ، ويصلّي عن يمينه وشماله » (١).
ومنها : ما أسنده ابن قولويه في مزاره عن هشام : أن مولانا الصادق عليهالسلام سئل : هل يزار والدك؟ قال : « نعم ، ويصلّى عنده » وقال : « يصلّى خلفه ولا يتقدم عليه » (٢).
وما أسنده عن محمد البصري ، عنه ، عن أبيه عليهالسلام ، في حديث
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٢٨ / ٨٩٨ ، علل الشرائع : ٤٩٠ ، الوسائل ٥ : ١٦٠ أبواب مكان المصلي بـ ٢٦ ح ١ ، ٢.
(٢) كامل الزيارات : ١٢٣ ، ٢٤٦ ، الوسائل ٥ : ١٦٢ أبواب مكان المصلي بـ ٢٦ ح ٧.