والاستثناء من المنع يقتضي ثبوت الجواز المطلق المجامع للوجوب والاستحباب والكراهة والإباحة ، ولذا قسّمه إليها الشهيدان وغيرهما (١) ، فقالوا : يجب لحفظ النفس والمال المحترمين حيث يتعين عليه. ويستحب لاستدراك الأذان والإقامة وقراءة الجمعة والمنافقين في الظهر والجمعة ، وللائتمام بإمام الأصل. ويباح لإحراز المال اليسير الذي لا يتضرّر بفواته ، وقتل الحية التي لا يظن أذاها. ويكره لإحراز المال اليسير الذي لا يبالي بفواته ، قاله في الذكرى واحتمل التحريم. وقال : وإذا أراد القطع فالأجود التحليل بالتسليم ، لعموم : « وتحليلها التسليم » ولو ضاق الحال عنه سقط ، وإن لم يأت به وفعل منافيا آخر فالأقرب عدم الإثم ، لأن القطع سائغ ، والتسليم إنما يجب التحلّل به في الصلاة التامة.
وهل الحكم بتحريم القطع يختص بالفريضة ، أم يعمّها والنافلة؟ ظاهر إطلاق العبارة كغيرها من أكثر الفتاوي والأدلّة الثاني.
خلافا للقواعد وشيخنا الشهيد الثاني وغيرهما (٢) ، فالأوّل ، لمفهوم بعض الصحاح المتقدمة ، وخصوصا ما مرّ من المعتبرة في بحث الالتفات عن القبلة (٣).
وهو غير بعيد ، لاعتبار هذه الأدلة ، فتصلح أن تكون للإطلاقات مقيدة ،
__________________
(١) الشهيد الأول في الذكرى : ٢١٥ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٣٣٨ ، وانظر جامع المقاصد ٢ : ٣٥٩ ، والمسالك ١ : ٣٣.
(٢) القواعد ١ : ٣٦ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٣٣٨ ، وقال الحلّي في السرائر ١ : ٤٢٢ : لأن عندنا العبادة المندوب إليها لا تجب بالدخول فيها ـ بخلاف ما ذهب إليه أبو حنيفة ـ ما خلا الحج المندوب فإنه يجب بالدخول فيه ، وحمل باقي المندوبات قياس .. ، وانظر مجمع الفائدة ٣ : ١٠٩.
(٣) راجع ص : ٢٧٦ ـ ٢٨٠.