قوله : يرحمك الله ، إذا كان مؤمنا ، بلا خلاف إلاّ من المعتبر ، فقد تردّد فيه (١). ولا وجه له بعد ثبوت كونه دعاء بنصّ جماعة من أهل اللغة (٢) ، فيشمله عموم ما دلّ على جوازه في الصلاة ، كما يأتي ، مضافا إلى عموم ما دلّ على جواز التسميت ، بل استحبابه مطلقا (٣) ، مع أنه رجع عنه بعده إلى الجواز كما عليه الأصحاب ، وجعله مقتضى المذهب.
نعم ، روت العامة عن معاوية بن حكم أنه قال : صلّيت مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فعطس رجل من القوم ، فقلت : يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم ، فقلت : ما شأنكم تنظرون إليّ؟ فجعلوا يضربون على أفخاذهم ، فعلمت أنهم يصمّتوني ، فلمّا صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « إن هذه الصلاة لا يصلح فيها كلام الناس ، إنما هي التكبيرة وقراءة القرآن » (٤).
وفيه ـ مع ضعف سنده ـ : عدم وضوح دلالته ، باحتمال رجوع الإنكار فيه إلى قوله الثاني ، أو إلى إنكارهم ، كما بينته في الشرح.
وهل يجب على العاطس الرّد؟ قيل : الأظهر لا ، لأنه لا يسمّى تحيّة (٥).
وفيه نظر ، مع أنه روى الصدوق في آخر كتاب الخصال في حديث طويل عن أبي جعفر ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام أنه قال : « إذا عطس أحدكم (٦) فسمّتوه قولوا : يرحمكم الله ، وهو يقول : يغفر الله تعالى لكم ويرحمكم ، قال الله تعالى عزّ وجلّ ( إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٢٦٣.
(٢) منهم : الفيروزآبادي في القاموس ١ : ١٥٦ ، والطريحي في مجمع البحرين ٢ : ٢٠٦ ، وابن الأثير في النهاية ٢ : ٣٩٧.
(٣) انظر الوسائل ١٢ : ٨٦ أبواب أحكام العشرة بـ ٥٧.
(٤) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ / ٣٣ ، سنن أبي داود ١ : ٢٤٤ / ٩٣٠ بتفاوت فيهما.
(٥) قال به المحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٣٥٥ ، وصاحب المدارك ٣ : ٤٧٢.
(٦) في « لـ » و « م » و « ح » : أخوكم.