يكونوا قد وافقوا أو فكروا فضلا عن أن يتآمروا على ضياع أحرف القرآن الستة دون نسخ لها ، وحاشا عثمان ـ رضياللهعنه ـ أن يكون قد أقدم على ذلك وتزعمه ...» (٩١).
قلت : ومثل هذا كثير ، يجده المتتبع لكلماتهم وآرائهم في كتب الفقه والحديث والتفسير والقراءات ، وعن الثوري (٩٢) أنه قال : «بلغنا أن ناسا من أصحاب النبي [صلىاللهعليهوسلم] كانوا يقرأون القرآن أصيبوا يوم مسيلمة فذهبت حروف من القرآن» (٩٣).
وقال ابن الخطيب في كتابه «الفرقان» (٩٤) تحت عنوان «لحن الكتاب في المصحف» : «وقد سئلت عائشة عن اللحن الوارد في قوله تعالى : إن هذان لساحران ، وقوله عز من قائل : والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة ، وقوله عزوجل : إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون. فقالت : هذا من عمل الكتاب ، أخطأوا في الكتاب.
وقد ورد هذا الحديث بمعناه بإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي خلف ـ مولى بني جمح ـ أنه دخل على عائشة فقال : جئت أسألك عن آية في كتاب الله تعالى كيف يقرؤها رسول الله؟ قالت : أية آية؟ قال : الذين يأتون ما أتوا. أو : الذين يؤتون ما آتوا! قالت : أيهما أحب إليك؟ قال : والذي نفسي بيده ، لإحداهما أحب إلي من الدنيا
__________________
(٩١) مناهل العرفان ، الجزء الأول.
(٩٢) سفيان بن سعيد الثوري ، الملقب عندهم ب «أمير المؤمنين في الحديث» والموصوف ب «سيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى» وغير ذلك. أنظر ترجمته في حلية الأولياء ٦ : ٣٥٦ ، تهذيب التهذيب ٤ : ١١١ ، تاريخ بغداد ٩ : ١٥١ ، وغيرها.
(٩٣) الدر المنثور ٥ : ١٧٩.
(٩٤) طبع هذا الكتاب بمطبعة دار الكتاب المصرية سنة ١٣٦٧ ـ ١٩٤٨ ، وصاحبه من الكتاب المصريين المعاصرين ، وهو يشتمل على بحوث قرآنية في فصول تناول فيها بالبحث مسألة القراءات ، والناسخ والمنسوخ ، ورسم المصحف وكتابته ، وترجمة القرآن إلى اللغات. إلى غير ذلك. وله في هذا الكتاب آراء وأفكار أهمها كثرة الخطأ في القرآن ووجوب تغيير رسمه وجعل ألفاظه كما ينطق بها اللسان وتسمعها الأذان ، فطلب علماء الأزهر من الحكومة مصادرة هذا الكتاب ، فاستجابت له وصادرته وسنذكر رأينا في خصوص ما ذكره حول خطأ الكتاب في بحوثنا الآتية.