فاستثناء القرآن بالتخصيص دليل على إجماعهم بأن القرآن وعلمه ، تنزيله وتأويله ، مخصوص بهم ، ولقد كان حبر الأمة عبد الله بن عباس ـ رضياللهعنه ـ مصدر تفسير جميع المفسرين ، وقد دعا رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ بأن قال : اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ، تتلمذ لعلي ـ رضياللهعنه ـ حتى فقهه في الدين وعلمه التأويل) (٨).
ولو جمعنا بين النصين المذكورين أعلاه لا تضح أن كل من على مذهب أهل السنة والجماعة لا بد أن يرجع في فهم كتاب الله ـ على رأي الشهرستاني ـ إلى أهل البيت ، لأن الصحابة فعلوا ذلك.
ضرورة الرجوع إلى أهل البيت
ذكرنا أن الشهرستاني يرى أن الصحابة كانوا مجمعين على أن فهم القرآن مختص بأهل البيت ، وينقل في هذا المجال أحاديث توكد على عدم انفصال القرآن عن أهل البيت ، من ذلك يروي (أن أبا ذر الغفاري ـ رضياللهعنه ـ شهد الموسم بعد وفاة رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، فلما احتفل الناس في الطواف وقف بباب الكعبة وأخذ بحلقة الباب ونادى : أيها الناس ، ثلاثا ، فاجتمعوا وأنصتوا ، ثم قال : من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، أحدثكم بما سمعته من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، سمعته حين احتضر يقول : إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي ، وإنهما لم يفترقا حتى يردا على الحوض كهاتين ـ وجمع بين إصبعيه المسبحتين من يديه وساوى بينهما ـ ولا أقول كهاتين ـ وقرن بين إصبعه الوسطى والمسبحة من يده اليمنى ـ لأن إحداهما تسبق الأخرى ، ألا وإن مثلهما فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تركها غرق) (٩).
مثل هذا التأكيد على ضرورة الرجوع إلى أهل البيت ينقله الشهرستاني
__________________
(٨) الورقة ١ / أمن المخطوطة.
(٩) الورقة ٢٦ / أ ، ب من المخطوطة.