أبو بكر بعد مقتل أهل اليمامة ...» (٣٩) لوجوه منها :
أولا : إن القرآن كان مجموعا مؤلفا على عهد النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ أو بعيد وفاته بأمر منه ، وإذ قد فعل رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ ذلك كيف يقول زيد لأبي بكر : «كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ»؟!
وثانيا : قوله : «فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال» يناقضه ما دل على كونه مؤلفا ومدونا على عهد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وقد رواه هو ... بل رووا أن جبريل عرض القرآن على النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في عام وفاته مرتين ، بل ذكر ابن قتيبة أنه كان آخر عرض قام به رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ للقرآن على مصحف زيد بن ثابت نفسه (٤٠).
وثالثا : قوله : «حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري ، لم أجدها مع أحد غيره» مما اضطرب القوم في معناه ، كما اختلفوا في اسم الرجل الذي وجد عنده ذلك (٤١).
وكذا نرفض ما أخرجه ابن أبي داود : «إن أبا بكر قال لعمر ولزيد : اقعدا على باب المسجد فمن جاء كما بشاهدين من كتاب الله فاكتباه» قال ابن حجر : «رجاله ثقات مع انقطاعه». فإنه بغض النظر عما في سنده تدفعه الضرورة ، فلا حاجة إلى الوجوه التي ذكرها ابن حجر لتوجيهه حيث قال : «كأن المراد بالشاهدين الحفظ والكتاب ، أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك من الوجوه التي نزل بها القرآن ، وكان غرضهم أن لا يكتب إلا من عين
__________________
(٣٩) صحيح البخاري ٦ : ٢٢٥.
(٤٠) المعارف : ٢٦٠.
(٤١) فتح الباري ٩ : ١٢ ، إرشاد الساري ٧ : ٤٤٨ ، المرشد الوجيز : ٤٣ ، البرهان ١ : ٢٣٦ ، مناهل العرفان ١ : ٢٦٦.