دون حكمه ـ وأمثلته : «تنبيه : حكى القاضي أبو بكر في الإنتصار عن قوم إنكار هذا الضرب ، لأن الأخبار فيه أخبار آحاد ، ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيها.
وقال أبو بكر الرازي : نسخ الرسم والتلاوة إنما يكون بأن ينسيهم الله إياه ويرفعه من أوهامهم ويأمرهم بالإعراض عن تلاوة وكتبه في المصحف ، فيندرس على الأيام كسائر كتب الله القديمة التي ذكرها في كتابه في قوله : (إن هذا لفي الصحف الأولى. صحف إبراهيم وموسى) ولا يعرف اليوم منها شئ.
ثم لا يخلو ذلك من أن يكون في زمان النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ حتى إذا توفي لا يكون متلوا في القرآن أو يموت وهو متلو بالرسم ثم ينسيه الله الناس ويرفعه من أذهانهم ، وغير جائز نسخ شئ من القرآن بعد وفاة النبي ـ صلى الله عليه وآله» (٧٠) ثم أورد كلام الزركشي الآتي ذكره.
وقال الشوكاني : «منع قوم من نسخ اللفظ مع بقاء حكمه ، وبه جزم شمس الدين السرخسي ، لأن الحكم لا يثبت بدون دليله» (٧١).
وحكى الزرقاني عن جماعة في منسوخ التلاوة دون الحكم : إنه مستحيل عقلا ، وعن آخرين منع وقوعه شرعا (٧٢).
ولم يصحح الرافعي القول بنسخ التلاوة وأبطل كل ما حمل على ذلك وقال : «ولا يتوهمن أحد أن نسبة بعض القول إلى الصحابة نص في أن ذلك المقول صحيح البتة ، فإن الصحابة غير معصومين ، وقد جاءت روايات صحيحة بما أخطأ فيه بعضهم من فهم أشياء من القرآن على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وذلك العهد هو ما هو. ثم بما وهل عنه بعضهم مما تحدثوا من أحاديثه الشريفة ، فأخطأوا في فهم ما سمعوا ، ونقلنا في باب الرواية من تاريخ آداب
__________________
(٧٠) الإتقان ٢ : ٨٥ ، وانظر : البرهان ٢ : ٣٩ ـ ٤٠.
(٧١) إرشاد الفحول : ١٨٩ ـ ١٩٠ ، وتقدم نص عبارة السرخسي عن أصوله ٢ : ٧٨.
(٧٢) مناهل العرفان ٢ : ١١٢.