رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ وهن مما نقرأ في القرآن) فقال بعض أجلة أصحاب الحديث : قد روى هذا الحديث رجلان جليلان أثبت من عبد الله بن أبي بكر فلم يذكرا هذا فيها ، وهما : القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ ويحيى بن سعيد الأنصاري.
وممن قال بهذا الحديث وأنه لا يحرم إلا بخمس رضعات : الشافعي.
وأما القول في تأويل : (وهن مما نقرأ في القرآن) فقد ذكرنا رد من رده ، ومن صححه قال : الذي نقرأ من القرآن : (وأخواتكم من الرضاعة) وأما قول من قال : إن هذا كان يقرأ بعد وفاة رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ فعظيم ، لأنه لو كان مما يقرأ لكانت عائشة ـ رضياللهعنها ـ قد نبهت عليه ، ولكان قد نقل إلينا في المصاحف التي نقلها الجماعة الذين لا يجوز عليهم الغلط ، وقد قال الله تعالى : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وقال : (إن علينا جمعه وقرآنه) ، ولو كان بقي منه شئ لم ينقل إلينا لجاز أن يكون مما لم ينقل ناسخا لما نقل ، فيبطل العمل بما نقل ، ونعوذ بالله من هذا فإنه كفر» (٨٦).
الرابع : أن القول بنسخ التلاوة هو بعينه القول بالتحريف ونقصان القرآن : «وبيان ذلك : أن نسخ التلاوة هذا إما أن يكون قد وقع من رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، وإما أن يكون ممن تصدى للزعامة من بعده.
فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ فهو أمر يحتاج إلى الإثبات ، وقد اتفق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد ، وقد صرح بذلك جماعة في كتب الأصول وغيرها ، بل قطع الشافعي وأكثر أصحابه وأكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الكتاب بالسنة المتواترة ، وإليه ذهب أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه ، بل إن جماعة ممن قال بإمكان نسخ الكتاب بالسنة المتواترة منع وقوعه ، وعلى ذلك فكيف تصح نسبة النسخ إلى النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ بأخبار هؤلاء الرواة؟!
__________________
(٨٦) الناسخ والمنسوخ : ١٠ ـ ١١.