والملاحظ أن قصة الشبهات التي أثيرت حول نسبة «نهج البلاغة» للإمام ـ عليهالسلام ـ حيث أنهم نسبوه للشريف الرضي ، هذه الأسطورة قد قضي عليها أخيرا على أيدي بعض الكتاب المؤمنين المخلصين الذين قاموا بدراسات واعية وبحوث إحصائية أثبتوا من خلالها أن «نهج البلاغة» لا يمكن أن يكون من إنشاء الشريف الرضي ، وذلك لوجود أكثر الخطب والأحاديث في مصادر وكتب متقدمة زمنيا على زمان الشريف الرضي ، إذا فإذا ثبتت صحة نسبة «نهج البلاغة» للإمام ـ عليهالسلام ـ فمن السهل ثبوت نسبة التقسيم الثلاثي أو بدايات النحو للإمام ـ عليهالسلام ـ لما في «نهج البلاغة» من تعريفات وتقسيمات ومصطلحات وأفكار عالية المضامين والمعاني تدل على إبداع وعلى قوى فكرية هائلة.
ونحن نلاحظ أن القرآن الكريم يشتمل على الكثير من التقسيمات والمضامين السامية ، فلا يستغرب صدور مثل هذه التقسيمات والإبداعات في تلك الفترة الزمنية من الإمام ـ عليهالسلام ـ وهو تلميذ القرآن ، والذي عايش القرآن الكريم منذ صغره ، وكذلك نلاحظ وجود التقسيمات والتعاريف والمصطلحات في الأحاديث النبوية ، فلا غرابة في أن يتعلم منها من نشأ وعاش في أجوائها ، وخاصة الإمام ـ عليهالسلام ـ الذي يملك من القوى الفكرية الزاخرة التي يشهد بها الجميع.
والملاحظ أن البعض من القدامى والمعاصرين الذي شكك في نسبة «نهج البلاغة» للإمام ـ عليهالسلام ـ قد ذهب إلى صحة نسبة النحو للإمام ـ عليهالسلام ـ أو لأبي الأسود ولم يشكك في نسبة النحو.
وبعد هذه الملاحظة الموجزة والعابرة ، نقول : بأننا سنترك هذا الجانب العقائدي في دراستنا ، ولو أن الإيمان به وحده يغني عن عرض الأدلة والنقاش ، كما آمن به من تعرف على حقيقة الإمام ـ عليهالسلام ـ وما يملكه من قوى ومعارف ، ونبحث عن هذه الواقعة التاريخية من خلال الواقع التاريخي نفسه والروايات نفسها ، ونحاول دراسة هذه الظاهرة على حسب السيرة والطرق