الفكرة خطة واضحة ، في الحديث التالي :
عن زرارة ، قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : علمني دعاء؟ فقال : إن أفضل الدعاء ما جرى على لسانك (١).
فإذا كان الداعي لم يطق أن يستوعب أكثر مما يجري على لسانه ، فإن ذلك يكفيه ، والمهم أن يكون ملتفتا إلى أساس الدعاء ولبه وهو التركيز على نقطة المبدأ ومركز الانتهاء ، في سيره الروحي.
وقد أفصح الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن هذه الحقيقة لما سأل رجلا : كيف تقول في الصلاة؟
فأجاب الرجل : أما إني أقول : (اللهم إني أسألك الجنة ، وأعوذ بك من النار).
وأضاف الرجل : أما إني ـ والله ـ لا أحسن دندنتك ، ولا دندنة معاذ.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : حولها ندندن (٢).
لكن الإسلام قد حدد للدعاء المختار حدودا ، وقرر له شروطا ، راعى في ذلك بلوغه إلى الكمال المطلوب ، ومن ذلك ما يرتبط بألفاظه ولغته.
ففي الوقت الذي أكد على جوانب معناه وأهدافه ، لم يهمل جانب أدائه وصيغته.
والحق ، أنا إذا أردنا نركز التفاتنا كاملا ، فإن كل الحواس ـ وهي ترتبط بواسطة الأعصاب بعضها بالأخرى ـ لا بد أن تتجه وتلتفت سواء الحواس الخارجية وجوارحها ، أم الحواس الباطنية وقابلياتها ، وحاسة النطق ـ وهي المعبرة عن الجميع ـ وآلتها اللسان ، لا بد أن تتحرك أعصابه ، فتكون كلمة الداعي
__________________
(١) وسائل الشيعة ٤ / ١١٧١.
(٢) الأسماء المبهمة ـ للخطب البغدادي ـ : ١١٦ رقم ٦٣ وانظر : كنز العمال ٢ / ٨٨.