الصحيحان في الميزان
هذا .. وقد ألف بعض أعاظم القوم «علل الحديث» المخرج في الصحيحين كالدار قطني ، وآخر «غريب الصحيحين» كالضياء المقدسي ، وثالث «نقد الصحيح» كالفيروزآبادي ، ورابع «التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح» كالزركشي ، وخامس «غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في مسلم من الأحاديث المقطوعة» كالعطار ...
ودافع ابن حجر العسقلاني عن البخاري وحاول رفع مشكلات حديثه في مقدمة شرحه ، لكنه أخفق في مواضع واعترف بالإشكال وستعلم بعض ذلك ...
وقبل الشروع في ذكر نماذج من الأحاديث المحكوم عليها بالوضع أو الضعف أو الخطأ .. المخرجة في الصحيحين .. نذكر بمطلبين :
١ ـ إنا عندما نلاحظ كتب الحديث وعلومه عند القوم ، ونستعرض أحوال محدثيهم ورواتهم ، نجد أنهم يهتمون برواية الحديث ونقله بسنده ومتنه ، ولا يعتنون بالنظر في معناه ومدلوله ، وأن الأوصاف والألقاب والمناصب والمراتب تعطى لمن كان أوسع جمعا وأكثر رواية ، لا لمن كان أدق نظرا وأوفر دراية ... ومن هنا كثرت منهم الأغلاط الفاحشة ، حتى في الآيات القرآنية والأحكام الشرعية.
قال ابن الجوزي : «إن اشتغالهم بشواذ الحديث شغلهم عن القرآن ... إن عبد الله بن عمر بن أبان مشكدانة قرأ عليهم في التفسير : (ويعوق وبشرا) فقيل له : (ونسرا) فقال : هي منقوطة من فوق ، فقيل له : النقط غلط. قال : فارجع إلى الأصل.
قال الدارقطني : سمعت أحمد بن عبيد الله المنادي يقول : كنا في دهليز عثمان بن أبي شيبة فخرج إلينا فقال : (ن والقلم) في أي سورة هو؟.
قال : وأما بيان إعراضهم عن الفقه شغلا بشواذ الأحاديث فقد رويت عنهم عجائب ... وقفت امرأة على مجلس فيه يحيى بن معين وأبو خيثمة وخلف بن