كل قائل وخطيب ، وبكلامه استعان كل واعظ بليغ ، لأن كلامه عليه مسحة من العلم الإلهي ، وفيه عبقة من الكلام النبوي " (٢٩).
وكذلك الأئمة الأخيار من أهل البيت الأطهار عليهمالسلام ، العلماء الأوتاد ، والزهاد الأمجاد ، والأئمة الأجواد ، الذين تحلوا من الفضائل بأحسنها ، ومن الشمائل بأجملها وامتلأوا بالعظمة فأقرها لهم العدو قبل الصديق ، فكانوا أنوارا كاشفة لسواء الطريق ، الأئمة المنتجبون بنص القرآن ، وكلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، للقيادة والإمامة ، وما روي عنهم يدل على تحقق ما قال فيهم أبوهم أمير المؤمنين عليهالسلام حيث قال : «وإنا لأمراء الكلام ، وفينا تنشبت عروقه ، وعلينا تهدلت غصونه» (٣٠).
هؤلاء هم مصادر الدعاء المأثور عندنا ، وإن ما ورد عنهم من الدعاء لأصدق شاهد ، وأقوى دليل على صدق ما قيل.
«فقد أنشأوا» كما يقول واحد من كبار العرفاء «من الدعوات الجليلة والمضامين اللطيفة ما فيه فوق طاقة البشر ، من فنون العلم بأسماء الله وصفاته ، وما يقتضيه جماله وجلالة ، وحق أدب العبودية مع كل ، فيما يناسبه مقامه وأوصافه وأحواله ، وكيفية الاستعطاف والاسترحام ، ولطيف الاستدلالات في استيجاب عفوه وكرمه وفضله ، وعرض مذلة الاعتراف عند مقدس أبواب رأفته ورحمته.
ولعمري لو كان للإنسان فكرة أو فطنة لكفاه ما صدر في الدعاء من أئمة الحق ، عن كل معجز في إثبات الرسالة والإمامة " (٣١).
وقد حفظت من أدعية المعصومين عليهمالسلام نماذج كثيرة ، رويت بأسانيد صحيحة ، سجلت في كتب باسم «الصحيفة» لكل واحد منهم عليهمالسلام صحيفة أو أكثر.
__________________
(٢٩) نهج البلاغة ، مقدمة الشريف الرضي : ٣٤.
(٣٠) نهج البلاغة ، الخطبة (٢٣٣) : ٣٥٤.
(٣١) المراقبات ، للملكي : ١٠٥.