٦ ـ الدعاء والأدب العربي :
يقول الدكتور حسين علي محفوظ : «الدعاء» جانب مهم من الآداب العربية ، نسيه تاريخ الأدب ، وتجاهله الأدباء ، وأغفله النقاد وكادوا يطمسون الإشارة إلى بلاغته ، على الرغم من أنه : نثر فني رائع ، وأسلوب ناصع من أجناس المنثور ، ونمط بديع من أفانين التعبير ، وطريقة بارعة من أنواع البيان ، ومسلك معجب من فنون الكلام.
والحق أن ذلك النهج العبقري المعجز ، من بدائع بلاغات النبي صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهمالسلام التي لم يرق إليها غير طيرهم ، ولم تسم إليها سوى أقلامهم.
فالدعاء أدب جميل ، وحديث مبارك ، ولغة غنية ودين قيم ، وبلاغة عبقرية المجاز ، إلهية المسحة ، نبوية العبقة ، تفتر عن إيمان جم الفضائل ، وزهد دثر المحاسن ، وتواضع أبيض المحجة ، وعمل أغر الطريقة ، وتقاة عظيمة القدر (٣٦).
حقا إن الدعاء يمثل واحدا من أرفع أساليب الأداء العربي في بلاغته الناصعة ، وتعبيره العذب ، وهو من أوقع الكلام في الكشف عن مكامن الضمير ، ومرادات النفس ومتطلبات الروح ، مع تطوره وإبداعه في استخدام أساليب الاستدعاء والرجاء والعتاب والاعتذار ، وفي أطوار المرونة والعنف ، والعجلة والصبر ، واليسر والعسر ، والاضطرار والرخاء.
وأيضا : الكلمة الناطقة عن التنازلات والتعهدات والالتزامات في صيغ متكاملة الأطراف ، جامعة الأسس ، رصينة البنود ، فصيحة المفردات ، بليغة التراكيب.
وهذا أمر يتكفل الإفصاح عنه والبرهنة عليه ، نصوص الدعاء المأثور
__________________
(٣٦) الصحيفة السجادية ، مقال نشر في مجلة «البلاغ» الكاظمية ، السنة الأولى ، العدد ٦.