يصح أن تنقل ، وانّما ننقل خبراً واحداً ليكون القارئ على اطلاع عليها : قالوا : جلس يوسف منها مجلس الخائن ، وأدركه برهان ربّه ونجّاه من الهلكة ، ثم إنّهم نسجوا هناك أفكاراً خيالية في تفسير هذا البرهان المرئي; فقالوا : إنّ طائراً وقع على كتفه ، فقال في أُذنه : لا تفعل ، فإن فعلت سقطت من درجة الأنبياء; وقيل : إنّه رأى يعقوب عاضاً على إصبعه ، وقال : يا يوسف أما تراني ؟ إلى غير ذلك من الأوهام التي يخجل القلم من نقلها.
غير انّ رفع الستر عن مرمى الآية يتوقف على البحث عن أُمور :
١. ما هو معنى « الهم » في قوله : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا ).
٢. ما هو جواب ( لَوْلا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ) وهذا هو العمدة في تفسير الآية.
٣. ما هو معنى البرهان ؟
٤. دلالة الآية على عصمة يوسف ، وإليك تفسيرها واحداً تلو الآخر.
لقد فسّره ابن منظور في لسانه بقوله : همّ بالشيء يهم همّاً : نواه وأراده وعزم عليه ، قال سبحانه : ( وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ) (١).
روى أهل السير : أنّ طائفة من المنافقين عزموا على أن يغتالوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في العودة من تبوك ، ولأجل ذلك وقفوا على طريقه ، فلمّا قربوا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بتنحيتهم ، وسمّاهم رجلاً رجلاً (٢).
__________________
(١) التوبة : ٧٤.
(٢) مجمع البيان : ٣ / ٥١ وغيره.