التخبّط أمران :
أوّلاً : الاغترار بما وضعه أعداء الإسلام من الأحبار والرهبان الذين تظاهروا بالإيمان وأضمروا الكفر تنفيذاً لحقدهم وعدائهم ، ويقف القارئ على نماذج كثيرة من هذه الإسرائيليات فيما روي عن كعب الأحبار ، ووهب من منبه ، وعبد الملك بن جريج ، ومن شاكلهم من المتأسلمين لا المسلمين الحقيقيّين.
ثانياً : الجمود على ظواهر بعض الآيات والأحاديث من دون تعمّق في أغوارها ، ولا تفحّص في مفاهيمها وأعماقها ، حتّى عاد التفكّر في مفاد الآية والحديث تأويلاً بغيضاً ، فعند ذاك هاجت بحار الفتن وتلاطمت أمواجها بالبدع المهلكة ، فسمّي التفكّر في القرآن والتدبّر في كلمات الرسول « كفراً » و « زندقة » وعدّ إقصاء العقل وعزله عن القضاء في المعارف والأُصول « قداسة » و « نزاهة » !!!
ففي هذه الظروف والأحوال قامت قيامة تأسيس المناهج ، ونجمت فرق كثيرة ، كلٌّ يدّعي الانتساب إلى الوحي والسنّة.
وكلٌّ يدّعي وصلاً بليلى |
|
وليلى لا تقرّ لهم بذاكا |
وإليك تسمية بعض هذه الفرق وبيان رؤوسها :
وهم المغترون بكل حديث وقعت أعينهم عليه ، فجمعوا في حقائبهم كل رطب ويابس ، وأخذوا بالظواهر وتركوا الاستعانة بالقرائن ، وسمّوا كل بحث من أيّ أصل من الأُصول والمعارف « تأويلاً » و « خروجاً عن الدين » وكبحوا العقل بتهمة الزندقة ، واستراحوا لما رووا عن أئمتهم من ذم علم الكلام ، فوصفوا الجمال