صريح قوله سبحانه : ( فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ) (١).
إنّ أُمّة يونس هي الأُمّة الوحيدة التي نفعها إيمانها قبل نزول العذاب وكشف عنهم ، وذلك لأنّ « لولا » التحضيضية إذا دخلت على الفعل الماضي تفيد معنى النفي ، كما في قولك : هلا قرأت القرآن ، وعلى ذلك يكون معنى قوله سبحانه : ( فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ ) انّه لم يكن ذلك أبداً ، فاستقام الاستثناء بقوله : ( إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ ) ، والمعنى هلا كانت قرية من هذه القرى التي جاءتهم رسلنا فكذبوهم آمنت قبل نزول العذاب فنفعها إيمانها ، لكن لم يكن شيء من ذلك إلاّ قوم يونس لمّا آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي.
ولا شك أنّه قد نفع إيمان قوم يونس ولكن لم ينفع إيمان فرعون ، وعندئذ يُطرح هنا السؤال التالي : ما الفرق بين الإيمانين ؟ حيث نفع إيمانهم دون إيمان الثاني وأتباعه ، يقول سبحانه : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَٰهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ * آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ المُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) (٢).
__________________
(١) يونس : ٩٨.
(٢) يونس : ٩٠ ـ ٩٢.