على المدينة مرتين في غزوتين (١).
وهناك وجه آخر لسبب النزول روي عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، وحاصله أنّ الآية نزلت في رجل من بني أُميّة كان عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فجاء ابن أُمّ مكتوم ، فلمّا رآه تقذّر منه ، وجمع نفسه وعبس وأعرض بوجهه عنه ، فحكى الله سبحانه ذلك وأنكره عليه (٢).
والاعتماد على الرواية الأُولى مشكل ، لأنّ ظاهر الآيات عتاب لمن يقدم الأغنياء والمترفين ، على الضعفاء والمساكين من المؤمنين ، ويرجح أهل الدنيا ويضع أهل الآخرة ، وهذا لا ينطبق على النبي الأعظم من جهات :
الأُولى : انّه سبحانه حسب هذه الرواية وصفه بأنّه يتصدى للأغنياء ويتلهّى عن الفقراء ، وليس هذا ينطبق على أخلاق النبي الواسعة وتحنّنه على قومه وتعطّفه عليهم ، كيف ؟ وقد قال سبحانه : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٣).
الثانية : انّه سبحانه وصف نبيّه في سورة القلم ، وهي ثانية السور التي نزلت في مكة ( وأُولاها سورة العلق ) بقوله : ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٤) ، ومع ذلك كيف يصفه بعد زمن قليل بخلافه ، فأين هذا الخلق العظيم ممّا ورد في هذه السورة من العبوسة والتولّي ؟ وهذه السورة حسب ترتيب النزول وان كانت متأخرة عن سورة القلم ، لكنّها متقاربة معها حسب النزول ، ولم تكن هناك فاصلة زمنية طويلة
__________________
(١) مجمع البيان : ١٠ / ٤٣٧ وغيره من التفاسير.
(٢) مجمع البيان : ١٠ / ٤٣٧ ; تفسير القمي : ٢ / ٤٠٥.
(٣) التوبة : ١٢٨.
(٤) القلم : ٤.