جعفر الطيار أرض الحبشة وهو يحضه على حسن الجوار :
ليعلم خيار الناس أنّ محمداً |
|
نبيّ كموسى والمسيح بن مريم |
وانّكم تتلونه في كتابكم |
|
بصدق حديث لا حديث المبرجم (١) |
٢. نحن نفترض الكلام في غير أبي طالب ، فإذا أردنا الوقوف على نفسية فرد من الأفراد والعلم بما يكنّه من الإيمان أو الكفر ، فما هو الطريق إلى كشفها ؟ فهل الطريق إليه إلاّ كلامه وقوله ، أو ما يقوم به من عمل ، أو ما يروي عنه مصاحبوه ومعاشروه ، فلو كانت هذه هي المقاييس الصحيحة للتعرف على النفسية ، فكلّها تشهد بإيمانه القويم وتوحيده الخالص ، فإنّ فيما أثر عنه من نظم ونثر ، أو نقل من عمل بار ، وسعي مشكور في نصرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وحفظه ، والدعوة لرسالته وما روى عنه مصاحبوه ومعاشروه ـ فإنّ في هذه ـ لدلالة واضحة على إيمانه بالله ورسالة ابن أخيه وتفانيه في سبيل استقرارها.
كيف ، وهو يقول في أمر الصحيفة التي كتبها صناديد قريش في سبيل ضرب الحصار الاقتصادي على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبني هاشم وبني المطلب :
ألم تعلموا أنا وجدنا محمداً |
|
نبيّاً كموسى خط في أوّل الكتب |
وأنّ الذي ألصقتمُ من كتابكم |
|
لكم كائن نحساً كراغية السقب (٢) |
ففي هذه الأبيات التي تزهر بنور التوحيد ، وتتلألأ بالإيمان بالدين الحنيف دلالة واضحة على إيمانه بالرسالات الإلهية عامة ، ورسالة ابن أخيه صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصة ، وكم وكم له من قصائد رائعة يطفح من ثناياها الإيمان الخالص ، والإسلام
__________________
(١) مستدرك الحاكم : ٢ / ٦٢٣ ـ ٦٢٤.
(٢) السيرة النبوية : ١ / ٣٥٢ ، وذكر من القصيدة ١٥ بيتاً.