٢. روى ابن سعد في طبقاته : أنّ بحيرا الراهب قال للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا غلام أسألك بحق اللات والعزى ألاّ أخبرتني عمّا أسألك ؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا تسألني باللات والعزى ، فوالله ما أبغضت شيئاً بغضهما » ، قال : بالله إلاّ أخبرتني عمّا أسألك عنه ؟ قال : « سلني عمّا بدا لك ... » (١).
٣. روى ابن سعد في طبقاته : عند ذكر خروج النبي إلى الشام للتجارة بأموال خديجة مع غلامها « ميسرة » : إنّ محمداً باع سلعته فوقع بينه ورجل تلاح ، فقال له الرجل : احلف باللات والعزى ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ما حلفت بهما قط ، وانّي لأمرُّ فأعرض عنهما » فقال الرجل : القول قولك ، ثم قال لميسرة : يا ميسرة هذا والله نبي (٢).
وممّا يشهد على توحيده أنّه لم ير قط مائلاً عن الحق ، ساجداً لوثن أو متوسّلاً به ، بل كان يتحنّث في كل سنة في غار حراء في بعض الشهور ، فوافاه جبرئيل ( عليه الصلاة والسلام ) في بعض تلك المواقف وبشّره بالرسالة وخلع عليه كساء النبوة.
وهذه الوقائع التاريخية أصدق دليل على إيمانه ، ولأجل اتفاق المسلمين على ذلك نطوي بساط البحث ونركّزه على بيان الشريعة التي كان عليها قبل بعثته ، وهذا هو الذي بحث عنه المتكلمون والأُصوليون بإسهاب.
اختلف الباحثون في أنّ النبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم هل كان متعبّداً بشرع قبل بعثته
__________________
(١) الطبقات الكبرى : ١ / ١٥٤ ; السيرة النبوية : ١ / ١٨٢.
(٢) الطبقات الكبرى : ١ / ١٥٦.