أمّا الثاني : أعني التوقف ، فقد ذهب إليه المرتضى ، واستدل على مختاره بقوله : والذي يدل عليه أنّ العبادة بالشرائع تابعة لما يعلمه الله تعالى من المصلحة بها في التكليف العقلي ، ولا يمتنع أن يعلم الله تعالى أنّه لا مصلحة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل نبوته في العبادة بشيء من الشرائع ، كما أنّه غير ممتنع أن يعلم أنّ له صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك مصلحة ، وإذا كان كل واحد من الأمرين جائزاً ولا دلالة توجب القطع على أحدهما وجب التوقف (١).
وما ذكره محتمل في حد نفسه ، ولكنّه مدفوع بما في الأخبار والآثار من عبادته واعتكافه ، وقد عرفت أنّه كان يتعبد لله ، وكانت له أعمال فردية واجتماعية تحتاج إلى أن تكون وفق شريعة ما.
وهذا هو القول الثالث بشقوقه الأربعة : فيتصوّر على وجهين :
الأوّل : أن يعمل على طبق أحد الشرائع الأربع تابعاً لصاحبها ومقتدياً به بوجه يعد أنّه من أُمّته ; وهذا الشق مردود من جهات :
أ. انّ هذا يتوقف على ثبوت عموم رسالات أصحاب هذه الشرائع ، وهو غير ثابت ، وقد أوضحنا حالها في الجزء الثالث من موسوعة مفاهيم القرآن (٢).
ب. انّ العمل بهذه الشرائع فرع الاطّلاع عليها ، وهو إمّا أن يكون حاصلاً
__________________
(١) الذريعة : ٢ / ٥٩٦.
(٢) لاحظ الجزء الثالث : ٧٧ ـ ١١٦.