إنّ قوله سبحانه : ( وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَىٰ ) هل يتضمن هدايته بعد الضلالة ؟
وقد ذكر المفسرون للآية عدّة احتمالات أنهاها الرازي في تفسيره إلى ثمانية ، لكن أكثرها من مخترعات الذهن ، لأجل الإجابة عن استدلال الخصم على كونه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان ضالاً قبل البعثة ، غير مؤمن ولا موحد ، فهداه الله سبحانه ، ولكن الحق في الجواب أن يقال :
إنّ الضال يستعمل في عرف اللغة في موارد :
١. الضال : من الضلالة : ضد الهداية والرشاد.
٢. الضال : من ضل البعير : إذا لم يعرف مكانه.
٣. الضال : من ضل الشيء : إذا ضؤل وخفي ذكره.
وتفسير الضال بأيّ واحد من هذه المعاني لا يثبت ما تدّعيه المخطّئة سواء أجعلناها معاني مختلفة جوهراً وشكلاً ، أم جعلناها معنى واحداً جوهراً ومختلفاً شكلاً وصورة ، فإنّ ذلك لا يؤثر فيما نرتئيه ، وإليك توضيحه :
أمّا المعنى الأوّل : فهو المقصود من تلك اللفظة في كثير من الآيات ، قال سبحانه : ( غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ) (١) ، لكن الضلالة بمعنى ضد الهداية والرشاد يتصور على قسمين :
قسم : تكون الضلالة فيه وصفاً وجودياً ، وحالة واقعية كامنة في النفس ،
__________________
(١) الحمد : ٧.