من ضرب الرقاب والابشار (١).
وقد جاء على منوال القاضي أكثر من تأخّر عنه إلى عصرنا هذا ، ولا حاجة لنقل ما ذكره المتأخرون عنه ، ونكتفي بنقل ما ذكره أحد الشخصيات البارزة في زماننا ألا وهو الشيخ محمود شلتوت ، حيث قال : اتفق الفقهاء على أنّ خليفة المسلمين هو مجرّد وكيل عن الأُمّة يخضع لسلطان موكّله في جميع أُموره ، وهو مثل وكيل من الأُمّة في البيع والشراء يخضع لما يخضع له الوكيل الشخصي كما اتفقوا على أنّ موظفي الدولة الّذين يعيّنهم الخليفة أو يعزلهم ، لا يعملون بولايته ولا ينعزلون بعزله باعتباره الشخصي وانّما بولاية الأُمّة وعزلها الّتي وكّلته في التولية والعزل ، ولهذا إذا عزل الخليفة لا ينعزل ولاته وقضاته ، لأنّهم يعملون باسم الأُمّة وفي حق الأُمّة لا باسم الخليفة ولا في خالص حق الخليفة (٢).
وتتلخص تلك النظرية في أنّ الأُمّة نقلت إلى الإمام ولايتها ، وجعلت فيه ثقتها ، ولو قام أهل الحل والعقد بتنصيبه ، فلأجل أنّهم وكلاء الأُمّة.
هذه حقيقة تلك النظرية عند أصحابها ، وسواء أطابقت واقع خلافة الخلفاء وجلوسهم على منصّة الحكم أم لا ، فهؤلاء يتبنّون تلك النظرية ويحاولون أن يسوقوا على صحتها الشواهد والدلائل.
إنّ أصحاب هذه النظرية اختلفوا في اشتراط العدالة في الخليفة ، فهم بين نافين لها مستدلين ببعض الخلفاء الذين افتقدوا السيرة المحمودة والعدالة ، وبين
__________________
(١) التمهيد : ١٨١.
(٢) من توجيهات الإسلام : ٥٦٣.