وأنت إذا لاحظت ما نقلناه عن أصحاب هذه المدرسة في ماهية الإمامة وشروطها تخرج بهذه النتيجة : انّ الإمامة عند أصحابها ليست إلاّ رئاسة عامة لتدبير أمر الجيوش وسد الثغور وردع الظالم والأخذ للمظلوم بحقه وإقامة الحدود وقسمة الفيء بين المسلمين ، ولا يشترط فيها نبوغ في العلم يزيد على علم الرعية ، بل هو والأُمّة في علم الشريعة سيان ، ويكفيه من العلم ما يكون عند القضاة ، هذه هي ماهية النظرية ، وأمّا الشروط فقد وقفت على متفقها ومختلفها.
وعلى هذه النتيجة الّتي خرجنا بها يكون البحث عن العصمة الإلهية والعلم بكل الأحكام الشرعية والذب عن حريم العقائد والمعارف وتبيين ما أجمل من الكتاب أمراً غير لازم بل غير متحقّق ولا متمكن منه ، إذ من المستحيل أن يكون منتخب الأُمّة حائزاً لهذا الكمال اذالم يكن المنتخب واقعاً في إطار التربية الغيبية كالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والإمام في النظرية الثانية.
ولأجل ذلك نجد انّ أصحاب هذه النظرية يستوحشون من سماع شرط العصمة في الإمام أو من سماع بعض الشروط مثل أن يكون أعلم الأُمّة وعارفاً بكل ما يرجع إلى الشريعة والسياسة. وإذ فرغنا من دراسة حقيقة هذه النظرية فهلمّ معي ندرس حقيقة النظرية الأُخرى.
إنّ أصحاب هذه النظرية يعترفون بختم النبوة والرسالة بارتحال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الرفيق الأعلى وانقطاع الوحي بموته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومع ذلك يقولون بأنّ منصب الإمامة استمرار لشؤون ووظائف الرسالة ، وانّ الإمام يقوم بكل ما كان يقوم به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سوى كونه متلقياً للوحي ، فالرسول ، خص بالتشريع والوحي الإلهي ، وشأن