الكلمات جمع « كلمة » ، والمراد منها هو المفرد من الألفاظ ، وربّما يطلق على الجملة ، فيقال : « لا إله إلاّ الله » كلمة الإخلاص ، غير أنّ القرآن يتوسع بعناية خاصّة في استعمال الكلمة فيطلقها على الأشياء والأفعال الخارجية قال سبحانه : ( بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ) (١) ، وقال سبحانه : ( قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي ) (٢) ، وكما أنّه يستعملها في الأعيان الخارجية ، يستعملها أيضاً في الأفعال الّتي يقوم بها الإنسان الممتحن ، وقد اختلف المفسرون في تعيين تلك الأفعال الّتي اختبر الخليل بها ، فنأتي بآرائهم إجمالاً.
١. المراد من الكلمات هي الإمامة ، وتطهير البيت ، ورفع القواعد ، والدعاء لبعث محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّ هذه الأُمور شاقة ، أمّا الإمامة فلأنَّ المراد منها هاهنا هو النبوّة ، وهذا التكليف يتضمن مشاقاً عظيمة ، وأمّا بناء البيت وتطهيره ورفع قواعده فمن وقف على ما روى في كيفية بنائه عرف شدّة البلوى فيه ، ثم إنّه يتضمن إقامة المناسك ، وقد امتحن الله الخليل عليه الصلاة والسلام بالشيطان في الموقف لرمي الجمار وغيره ، وأمّا اشتغاله بالدعاء في أن يبعث الله تعالى محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم في آخر الزمان فهذا ممّا يحتاج إليه من إخلاص العمل لله وإزالة الحسد عن القلب بالكلية (٣).
__________________
(١) آل عمران : ٤٥.
(٢) الكهف : ١٠٩.
(٣) مفاتيح الغيب : ١ / ٤٩٠ ، ط مصر.