القرائن الخارجية.
والظاهر المتبادر ، إنّ تنصيبه في مقام الإمامة كان جزاءً منه سبحانه لإتمامه الكلمات ونجاحه في الامتحان ، فلو كانت الإمامة من جملة تلك الأُمور لأصبح الكلام غير تام ، وصار السامع في نظائر المقام ينتظر حين يسمع ، المثوبة الّتي نالها إبراهيم لأجل النجاح في معترك الامتحان ولا يتم ذلك إلاّ بإخراج الإمامة عن جملة تلك الأُمور ، وجعلها جزاءً لإتمامه الكلمات لامن الأُمور الّتي اختبر بها.
وأمّا ما أيّد به الرازي نظره وقال : ثم إنّ الّذي يدلّ على أنّ المراد ذلك أنّه عقبه بذكره من غير فصل بحرف من حروف العطف ، فلم يقل : فقال إنّي جاعلك للناس إماماً » بل قال : ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) ، فدلّ على أنّ الابتلاء الوارد في الآية كان عبارة عن هذه الأُمور المذكورة.
ففيه أنّ ( إِذِ ) في قوله سبحانه ( وَإِذِ ابْتَلَىٰ ) ظرفية زمانية ، وليس مظروفه سوى قوله ( قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ ) ، ومفاد الآية هكذا : في الظرف الّذي ابتلي إبراهيم بكلمات وأتمّها ، قيل له إنّه منصوب للإمامة ، وعلى هذا لا حاجة للإتيان بحرف العطف « فاء » كانت أو غيرها.
وبعبارة أُخرى : يريد سبحانه أن يقول : في هذا الظرف الكذائي الّذي ابتلاه الله بكلمات وهو أتمّها ، قال له سبحانه : ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) وفي مثل المورد يكون العاطف مخلاً ، ولعل الرازي توهم أنّ إذ الظرفية متضمنة لمعنى الشرط ، وهو غير صحيح ، وليست هذه أوّل قارورة كسرها الرازي ، فله في تفسيره شطحات كثيرة يقف عليها السابر فيه ، خصوصاً فيما يرجع إلى العلوم العربية وتفسير كلمات القرآن ومفرداتها ، ولأجل ذلك قال أبو الوليد ابن الشحنة الحنفي الحلبي في روض