المناظرة في حوادث سنة ٦٠٦ ه : إنّ الرازي له اليد الطولى في العلوم خلا العربية (١).
الثاني : انّه زعم انّ اشتغال الخليل بالدعاء في حق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دليل على إخلاصه وزوال الحسد من قلبه.
وفيه : انّه لا شك في إخلاصه وطهارته من كل رذيلة خلقية ، لكن جعل هذا دليلاً عليه أشبه شيء بجعل الصباح دليلاً على وجود ضوء الشمس ، فإنّ العامة من الناس يقومون بذلك فضلاً عن الأكارم ، بالأنبياء ؟ ولا يستدل أحد بهذا العمل على إخلاص الداعي وطهارته من الحسد خصوصاً إذا كان المدعو له يجيء بعده بقرون وبالأخص إذا كان من أولاده وأحفاده.
ولعمر القارئ إنّه لو وقف عربي صميم خال ذهنه عن المناقشات الكلامية على هذه الآية ، لقضى بأنّه كان هناك ابتلاء من الله بالنسبة إلى نبيّه إبراهيم بعدّة أُمور ، وإنّ إبراهيم أتمهن فجزاه الله سبحانه بتشريفه بمقام الإمامة ، وأمّا ما هو المراد من الكلمات ، فهو من الأُمور الّتي يجب أن تطلب من التفحص حول ما ورد في حقه عليهالسلام من الآيات ، ولا يخطر بباله أنّ الإمامة من جملة ما ابتلي به إبراهيم.
٢. المراد من الكلمات : الخصال العشر الّتي تسمّى خصال الفطرة ، وهي : قص الشارب ، والمضمضة ، والاستشناق ، والسواك ، وفرق الرأس ، وتقليم الأظفار ، وحلق العانة ، والختان ، ونتف الإبط ، والاستنجاء بالماء.
هذا الرأي لا يقصر عن سابقه ، فإنّ القيام بهذه الأُمور ليس أمراً شاقاً حتى يبتلي الله بها أنبياءه ورسله ، بل يقوم بها كل إنسان بسهولة.
__________________
(١) الغدير : ١ / ٣٥٧ ط بيروت.