وهذه العبارة من صاحب القاموس توصلنا إلى أصل المعنى اللغوي ، وهو انّ الإمام عبارة عن كل شيء يتّخذه الإنسان مثالاً لعمله ودليلاً لفعله ، ويطبّق فعله وعمله على ذلك المثال وذلك الدليل ، فهذا هو المعنى الأصلي لتلك الكلمة ، فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إمام ، والقرآن إمام ، وخشبة البناء إمام للبنّاء ، لأجل إنّ الإنسان يطبق عمله على عمل وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو القرآن ، فكل شيء اتخذ مثالاً في الحياة وأُسوة في مقام التطبيق يكون إماماً من غير فرق بين الأشياء المادية ، هذا كلّه في توضيح مفهوم « الإمام » من حيث اللغة ، وإليك توضيحه في القرآن.
جاء لفظ الإمام في الذكر الحكيم اثنتا عشرة مرة بين مفرد وجمع ، مفردها سبع مرات ، وجمعها خمس مرات.
وقد استعملت في الجميع بمعنى واحد ، وهو الّذي تعرّفت عليه من صاحب القاموس وإن كانت تطبيقاتها مختلفة ، ولأجل ذلك لا يمكن عدّها من معاني كلمة الإمام.
وإليك تلك الموارد.
١. ترى أنّه سبحانه يصف التوراة بأنّها إمام ، يقول سبحانه وتعالى : ( وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ) (١).
٢. كما يصف الطريق الّذي تمشي عليه القوافل إماماً ويقول : ( فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ ) (٢) ، أي انتقمنا من قوم لوط وأصحاب الأيكة وانّ
__________________
(١) هود : ١٧.
(٢) الحجر : ٧٩.