هذا النوع من الإطاعة ، فالمطاع هو الله سبحانه حقيقة والنبي مطاع بضرب من العناية إذ المفروض انّه ليس للرسول أيّ تشريع وأيّ تقنين ولا أمر ونهي فلا يكون له طاعة.
هذا إذا قصرنا النظر على مجالي النبوة والرسالة ، ولكنّه سبحانه لما كساه ثوب الإمامة بعد أن ابتلاه ونصبه لمقام الإمامة وصار عند ذلك حاكماً سائداً على المجتمع ، رائداً للأُمّة ، قائماً بإرشادهم في الحقول المختلفة سياسياً وعسكرياً ...
فعند ذلك كان الرسول في مقام التنفيذ ذا أمر ونهي وأخذ ورد وتعيين وعزل إلى غير ذلك من الأُمور الّتي يمارسها الرسول باعتبار كونه حاكماً وسائساً ومؤدّباً للأُمّة وقائداً للمجتمع وإماماً للمؤمنين.
ولا ريب انّه ليس لأحد ولاية على أحد وانّ الناس كأسنان المشط ليس لأحدهم حق حكم على الآخر ، بل الولاية المطلقة لله سبحانه وتعالى ، فهو باعتبار كونه خالقاً للكون ومدبراً لما فيه ، له حق الحكم والطاعة ، يقول سبحانه : ( إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) (١).
وهذا ما يعبّر عنه بالتوحيد في الحاكمية والطاعة لا يشاركه فيها غيره ، لكن مع الاعتراف بذلك لا نعني من عنوان انحصار الحاكمية ( بالله ) حصر الإمرة بالله بأن يتولّى سبحانه الإمرة على العباد ، فالولاية وحق الحاكمية بالأصالة حق لله سبحانه ، ولكن الإمرة لخيرة عباده يتصدّون لها بإذنه.
__________________
(١) يوسف : ٤٠.