من إيتاء الكتاب والحكمة ، كيف ؟ ونزول الكتاب والحكمة دليل على كون المنزول عليه نبياً ينزل عليه الوحي بلا واسطة فلا حاجة لتكراره مجدّداً ، قال سبحانه : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالحِكْمَةِ ) (١) ، فالآية تهيب ببني إسرائيل أن يذكروا نعمة الله عليهم حيث بعث فيهم الأنبياء والرسل ، وقال سبحانه : ( وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ) (٢) إلى غير ذلك من الآيات الّتي وردت فيهما الكلمتان.
وإن شئت قلت : إنّ الآية المباركة تدل على أنّه سبحانه أعطى منصب الإمامة لآل إبراهيم وبعض ذريته.
والآية الثانية تدل على أنّه سبحانه أعطى آل إبراهيم بعد الكتاب والحكمة ، الملك العظيم ، فباقتران الآيتين نخرج بهذه النتيجة : انّ الإمامة المعطاة لآل إبراهيم هي الملك العظيم فيتحدان حقيقة ومصداقاً ، فإذا كان ملاك الإمامة في الذرية هو كونهم ذوي ملك عظيم ، فيصبح ملاكها في نفس الخليل أيضاً ذلك.
إنّ القرآن الكريم يصنّف ذرية إبراهيم إلى قسمين :
قسم أُعطي النبوة والرسالة ، كأيوب وزكريا ويحيى وعيسى.
وقسم أُعطي بعدهما الملك والحكومة.
__________________
(١) البقرة : ٢٣١.
(٢) النساء : ١١٣.