جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) ، وقوله سبحانه : ( إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ) ، وهناك آيات أُخر في هذا الصدد قد مرّت عليك.
ما هي النسبة بين النبي والإمام ؟ فهل هما متساويان في الصدق ، بمعنى أنّ كل نبي إمام ، وكل إمام نبي أو لا ؟
الجواب : الآيات التي تلوناها عليك تنفي الملازمة بينهما ، فهذا هو الخليل عليهالسلام قد قضى شطراً كبيراً من عمره وكان نبياً ولم يكن إماماً ، وإنّما أُفيضت الإمامة عليه بعد ما بلغ من العمر عتياً وابتلاه سبحانه بأُمور كما بيّناه.
وهذا هو طالوت بعثه الله سبحانه ملكاً على بني إسرائيل ، وقد أخبر به بلسان نبيّهم ، فصار إماماً مطاعاً وقائداً لهم ولم يكن نبياً.
وبذلك اتضح انّه لا ملازمة بين النبوة والإمامة ، وإنّه لا يلزم أن يكون كل نبي إماماً ، كما هو الحال في الخليل ـ قبل أن يبلغ منصب الإمامة ـ وسائر الأنبياء الذين لم ينالوا منصب الإمامة ، كما أنّه لا يلزم أن يكون كل إمام نبياًكما هو الحال في طالوت. وقد تجتمعان في بعض الفترات مثل اجتماعهما في الخليل ويوسف وداود وسليمان والنبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
وربّما يستدل على تفكيك النبوة عن الإمامة بقوله سبحانه : ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) (٢).
« فإنّ الآية ـ بحكم لفظة « من » التبعيضية ـ تصنّف الأنبياء إلى صنفين بين
__________________
(١) وسيوافيك بيان إمامة النبي الأعظم ، فتربّص حتّى حين.
(٢) السجدة : ٢٤.