ويذب عن دين الله ، ويدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة ـ إلى أن قال : ـ مضطلع بالأمر ، عالم بالسياسة ، مستحق للرئاسة ، مفترض الطاعة ، قائم بأمر الله ، ناصح لعباد الله » (١).
فهذه العقود الدرّية تعرب عن مفهوم الإمامة لدى أئمّة أهل البيت ، وهو مطابق لما استفدناه من الآية الكريمة.
هذه هي النظريات الأربع المذكورة حول ملاك إمامة الخليل الواردة في آية الابتلاء ، وبقيت هنا نظرية خامسة اختارها العلاّمة الطباطبائي نتبرّك في خاتمة المطاف بذكرها وتحليلها ، وإنّما أخّرنا ذكرها ، لأنّ للنظرية الرابعة تأثيراً خاصاً في فهمها وتوضيحها وما يتوجه إليها من الإشكال ، وإليك بيانها.
ويتضح ببيان أُمور :
الأوّل : انّ تفسير الإمامة بالنبوة والخلافة ، أو الوصاية ، أو الرئاسة في أُمور الدين والدنيا ، وكونه مطاعاً حدث من تكرّر الاستعمال بمرور الزمان كما ابتليت به سائر الألفاظ الواقعة في القرآن ، فإنّ النبوة معناها تحمّل النبأ من جانب الله ، والرسالة معناها تحمّل التبليغ ، والإطاعة من لوازم النبوّة والرسالة [ فكيف تفسّر الإمامة بالإطاعة ] والخلافة نحو من النيابة ، وكذلك الوصاية والرئاسة نحو من الطاعة للموصي والرئيس ، وهو كون الإنسان مصدراً للحكم في المجتمع ، وكل هذه المعاني غير معنى الإمامة ، إذ لا معنى لأن يقال لنبي من الأنبياء مفترض الطاعة إنّي جاعلك للناس نبياً ، أو مطاعاً فيما تبلغه ، أو رئيساً تأمر وتنهى في
__________________
(١) تحف العقول : ٤٣٦ ـ ٤٤١.