يحصيهم ديوان ، وكذلك حجّة الوداع وكلّهم له صحبة (١).
ولا يخفى أنّ التوسع في مفهوم الصحابي على الوجه الّذي عرفته في كلماتهم ممّا لا تساعده اللغة والعرف العام ، فإنّ صحابة الرجل عبارة عن جماعة تكون لهم خلطة ومعاشرة معه مدّة مديدة فلاتصدق على من ليس له حظ إلا الرؤية من بعيد ، أو سماع الكلام ، أو المكالمة أو المحادثة فترة يسيرة ، أو الإقامة معه زمناً قليلاً.
وأظن أنّ في هذا التبسيط والتوسع غاية سياسية لما سيوافيك من أنّ النبي قد تنبّأ بارتداد ثلة من أصحابه بعد رحلته فأرادوا بهذا التبسيط صرف هذه النصوص إلى الأعراب وأهل البوادي ، الذين لم يكن لهم حظ من الصحبة إلاّ اللقاء القصير ، وسيأتي انّ هذه النصوص راجعة إلى الملتفين حوله الذين كانوا مع النبي ليلاً ونهاراً ، صباحاً ومساءً إلى حد كان النبي يعرفهم بأعيانهم وأشخاصهم وأسمائهم ، فكيف يصحّ صرفها إلى أهل البوادي والصحاري من الأعراب ؟! فتربص حتّى تأتيك النصوص.
وعلى كل تقدير فلسنا في هذا البحث بصدد تعريف الصحابة وتحقيق الحق بين هذه التعاريف غير انّا نركز الكلام في أنّ أهل السنّة يقولون بعدالة هذا الجمع الغفير المدعوين باسم الصحابة ، وإليك كلماتهم :
قال ابن عبد البر : ثبتت عدالة جميعهم (٢).
__________________
(١) أسد الغابة : ١ / ١٢ ، ط دار إحياء التراث العربي بيروت.
(٢) الاستيعاب في أسماء الأصحاب : ١ / ٢ في هامش « الإصابة ».