وغيرها من الآيات القرآنية ، فترى فيها أنّ الإيمان بعدالة الصحابة مطلقاً خطأ في القول ، وزلة في الرأي ، يضاد نصوص الذكر الحكيم ، ولم يكن الصحابة إلاّ كسائر الناس ، فيهم صالح تقي بلغ القمة في التقى والنزاهة ، وفيهم طالح شقي سقط إلى هوة الشقاء والدناءة ، ولكن الّذي يميّز الصحابة عن غيرهم انّهم رأوا نور النبوة وتشرّفوا بصحبة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وشاهدوا معجزاته في حلبة المباراة بأُمّ أعينهم ، ولأجل ذلك تحمّلوا مسؤولية كبيرة أمام الله وأمام رسوله وأمام الأجيال المعاصرة لهم واللاحقة بهم ، فإنّهم ليسوا كسائر الناس فزيغهم وميلهم عن الحق أشد لا يعادل زيغ أكثر الناس وانحرافهم ، وقد قال سبحانه في حق أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ) (١) ، فلو انحرف هؤلاء فقد انحرفوا في حال شهدوا النور ، ولمسوا الحقيقة ، وشتان الفرق بينهم وبين غيرهم.
إذا راجعنا الصحاح والمسانيد نجد انّ أصحابها أفردوا باباً بشأن فضائل الصحابة ، إلاّ أنّهم لم يفردوا باباً في مثالبهم ، بل أقحموا ما يرجع إلى هذه الناحية في أبواب أُخر ستراً لمثالبهم ، وقد ذكرها البخاري في الجزء التاسع من صحيحه في باب الفتن ، وأدرجها ابن الأثير في جامعه في أبواب القيامة عند البحث عن الحوض ، والوضع الطبيعي لجمع الأحاديث وترتيبها كان يقتضي عقد باب مستقل للمثالب في جنب الفضائل حتّى يطّلع القارئ على قضاء السنّة حول صحابة النبي الأكرم.
روى أبو حازم ، عن سهل بن سعد قال : قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا فرطكم على
__________________
(١) الأحزاب : ٣٢.