كاتب مثل السيد الندوي وخاصة في ظروفنا الحساسة أن يسعى إلى تقريب الخطى بين المسلمين ، وإزالة النعرات الطائفية ذات الضرر العظيم ، والخطر الكبير على الرسالة المحمدية ، ولكن يا للأسف أنّ الكاتب أطلق عنان قلمه في بيان معتقدات هذه الطائفة وتحليلها على نحو لا يناسب مقام الكاتب المتحرّي للحقيقة.
ولعلّه كان مجبراً على اتخاذ تلك المواقف من قبل حكام المنطقة ، أعني : الذين لا يروقهم انتشار الثورة الإسلامية في مناطقهم واندلاعها في بلدانهم.
وأعجب من هذا أنّ الأُستاذ ألّف كتيباً باسم « اسمعي يا إيران » قبل قيام الثورة الإسلامية في إيران ، ونشرته دار عرفات في الهند عام ١٣٩٣ ه . ق ـ ١٩٧٢ م ، وعندما يقارن بين محتوى الرسالتين ، يقف القارئ على التناقض الواضح بين التحليلين عن شعب واحد في فترتين متقاربتين ، وعندئذ يطرح السؤال نفسه. انّ الرسالة الأُولى كتبت ونشرت قبل قيام الثورة الإسلامية في إيران ، وكان الترف والتظاهر بالسفور والخمور ، والانحراف التربوي والمظاهر اللادينية ، طاغية على المجتمع ، ومع ذلك كلّه فقد وصف الكاتب الإيرانيين حكومة وشعباً بعكس ما وصفهم بعد قيام الثورة ، فأطرى في الرسالة الأُولى عليهم ، بما يناسب الحكومات المثالية ، والأُمّة المسلمة المتكاملة ، وعندما تحولت الملكية إلى الجمهورية الإسلامية ، تحولت تلك الصفات إلى خلافها ، وهذا من العجيب جداً ؟!
وإليك خلاصة ما في الرسالة الأُولى :
خاطب الأُستاذ في هذه الرسالة الشعب الإيراني على وجه يستظهر منه أنّه الفيلسوف الكبير ، العارف بالداء والدواء ، يريد نصح أبنائه وتلاميذه تحت عنوان « اسمعي يا إيران » وفيها العلماء والقادة ، والحكماء والمفكّرون ، ممّن لا يشق غبارهم