المعصية والوقوع في الخطأ (١).
وعرّفها الفاضل المقداد بقوله : العصمة عبارة عن لطف يفعله الله في المكلف بحيث لا يكون له مع ذلك داع إلى ترك الطاعة ولا إلى فعل المعصية مع قدرته على ذلك ويحصل انتظام ذلك اللطف بأن يحصل له ملكة مانعة من الفجور والإقدام على المعاصي مضافاً إلى العلم بما في الطاعة من الثواب ، والعصمة من العقاب ، مع خوف المؤاخذة على ترك الأَولى ، وفعل المنسي (٢).
أقول : اذا كانت حقيقة العصمة عبارة عن القوة المانعة عن اقتراف المعصية والوقوع في الخطاء ، كما عرّفه المتكلمون فيقع الكلام في موردين :
الأوّل : العصمة عن المعصية.
الثاني : العصمة عن الخطأ.
ولتوضيح حال المقامين من حيث الاستدلال والبرهنة يجب أن يبحث قبل كل شيء عن حقيقة العصمة.
إنّ حقيقة العصمة عن اقتراف المعاصي ترجع إلى أحد أُمور ثلاثة على وجه منع الخلو ، وان كانت غير مانعة عن الجمع :
__________________
(١) الميزان : ٢ / ١٤٢ ، طبعة طهران.
(٢) إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين : ٣٠١ ـ ٣٠٢ ، ومن العجب تفسير الأشاعرة للعصمة على ما يقتضيه أصلهم من استناد الأشياء كلّها إلى الخالق المختار ابتداءً : بأن لا يخلق الله فيهم ذنباً (*).
أفبعد هذا هل يصح أن تعد العصمة كرامة وترك الذنب فضيلة ؟ وليس معنى التوحيد في الخالقية سلب التأثير عن سائر العلل ، وقد أوضحنا الحال في الجزء الأوّل من هذه السلسلة عند البحث عن هذا القسم من التوحيد ، فلاحظ.
__________________
(*) إبطال نهج الباطل لفضل بن روزبهان على ما نقله عنه صاحب دلائل الصدق : ١ / ٣٧٠ ـ ٣٧١.